Monday, January 9, 2012

المبحث الثاني: مفهوم القيمة في كتابات سلفنا الصالح:
    لا بدّ أن نمر ولو مَرّاً سريعاً على موضوع القيم في كتابات سلفنا الصالح، وإن لم تأت تحت هذا العنوان، إذ هم لم يهتموا برسم حدود لمفهوم القيمة، ولم يعرّفوها، لكنهم بحثوا في كثير من الموضوعات التي تتصل بالقيم، كالإسلام والإيمان ومكارم الأخلاق والتقوى والتوبة والأدب الجامع والمعروف والبر وفضائل الأعمال والكبائر… كما بحثوا في علاقة الإيمان بالعمل والعمل بالنية، والنفس بالتزكية والتدسية. وسنتبع خط سيرٍ تاريخي حيث سأبدأ بأبعدهم عنا زمناً ثم الذي يليه آخذين بعين الاعتبار سمات عصر كلٍّ من هؤلاء العلماء وما تأثر به منها وعلى الأخص السمات الفكرية والثقافية، ولن نعمد إلى إثبات هذه السمات خوفاً من الاستطراد والإطالة إلا أننا سنعمد إلى جمع أهم هذه السمات ونحتفظ بها في ذاكرتنا لتلقي بظلالها على تفسيرنا موقف هذا العالم أو ذاك. وسنختار بعضاً منهم وذلك حسب الترتيب الآتي:
1- الفقيه محمد الآجري: [         -360هـ  ] في كتابه أخلاق العلماء.
2- ابن مسكويه          [        - 421 هـ ] في رسالة تهذيب الأخلاق.
3- الماوردي            [ 364  -  450 هـ]  في كتابه، أدب الدنيا والدين.
4- الإمام البيهقي        [ 384  -  458 هـ]  في كتابه ، شعب الإيمان.
5- الإمام الغزالي       [ 450 – 5.5 هـ    ] في كتابه ، إحياء علوم الدين.
6- الإمام الذهبي       [ 673  -  748 هـ ] في كتابه ، الكبائر .
7- ابن قيم الجوزية     [ 691 – 751 هـ   ] في كتابه، مدارج السالكين.
8- ابن حزم            [ 994  - 1064 هـ ]في رسالة الأخلاق والسِّيَر.
    ونبتغي من وراء ذلك تبيان العلاقة بين القيم وكلٍّ من الإيمان والنية والمعروف والأخلاق، من خلال فهمنا لما جاء في كثير من الآيات القرآنية الكريمة، من مثل قوله تعالى: ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة: 99 /7-8]. وقوله تعالى:﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ[التوبة: 9/105] وقوله تعالى: ﴿ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ﴿ [الكهف: 18/110]، وقوله تعالى في ربطه ثواب الأعمال بالحالة الإيمانية لمن يقوم بها ﴿ فمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ [الأنبياء: 21/94]. وهناك كثيرٌ من الآيات القرآنية الكريمة بيّنت مكانة المعروف والأمر به وعلاقته بالإيمان أيضاً كقوله تعالى: ﴿ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ [آل عمران: 3/104] وقد أمر الله تعالى في السورة نفسها بقوله  ﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ [آل عمران: 3/114] وقوله ﴿الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ [التوبة: 9/112] فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا ينفكان مرتبطين بالإيمان ويؤديان إلى حفظ حدود الله. وكذلك يمتّن هذا الربطَ ويدعمه ما جاء من أحاديث نبوية شريفة كثيرة من مثل (الإيمان بضع وسبعون شعبة…... والحياء شعبة من الإيمان)(1) وقوله عليه الصلاة والسلام (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ([1]) و( إن الله كريم يحب الكرم ومعالي الأخلاق ويبغض سفسافها) ([2])  وقوله أيضاً (ما آمن بي مَن بات شبعانَ وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم) ([3])وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام (إنّ الله قسَم بينكم أخلاقكم كما قسّم بينكم أرزاقكم) ([4])وكذلك ربطه صلى الله عليه وسلم الأعمال بالنيات (إنما الأعمال بالنيات…)([5]) ولمّا كان الإيمان رأس الأمر والمظلة التي ينضوي تحتها العمل، والأصل الذي ينبغي أن يتصل به كلُّ سلوك وقول وشعور، من الجهاد ذروة سنام الإسلام، إلى إماطة الأذى عن الطريق، إلى الفرح وكظم الغيظ،.. إلى الحياء، فقد بُحثت جميعُ فروعِ الشريعة في ضوء هذا العامل الأساس، عنيت به الإيمان.
ولما لم يكن في تصور سلفنا – ولا في تصوّرنا – أن يكون عملٌ بلا محرك إيماني – إلا أن يكون عبثاً – فلم يشعروا ولم نشعر أننا بحاجة إلى بحث القيمة بشكل مستقل وبالتالي لا نرى أنها تكمن وراء سلوكنا وأقوالنا ومشاعرنا، فهذا احتاج إليه علماء الأخلاق في الغرب بديلاً عن الإيمان وانسجاماً مع طغيان عنصر المادة، في أن ما ينفع هو القيمة. ولقد اهتم علماء سلفنا الصالح، في تبيان آفات النفس، وإبراز فضائل الأعمال، وإعلاء شأن الأمر بالمعروف، وتحصين السلوك بمكارم الأخلاق ليتمثلها المؤمن وليحرك الإيمان كوامن الصلاح، وعناصر التزكية النفسية وليصارع نوازع الخبث وبواعث الفجور وعوامل التدسية.
    وإنَّ نظرة استقرائية لكتاب الله العزيز، تبيّن لنا مدى ارتباط السلوك بالإيمان، فمن فاتحة الكتاب بعد حمد الله والثناء عليه عز وجل ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيم[الفاتحة: 1/2-3 ] وإفراده بالعبودية وتخصيصه بطلب العون ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة: 1/6 ] يأتي طلب الهداية ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة: 1/6]، إذاً من فاتحة الكتاب إلى مطلع سورة البقرة حيث الهداية متعلقة بكتاب الله عز وجل، ولا ينالها إلا المتقون ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ [البقرة: 2/ 2] وهؤلاء المتقون موصوفون بصفات:
أ- يؤمنون بالغيب          ب- يقيمون الصلاة         ج – ينفقون في سبيل الله:
﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [البقرة: 2/3 ] إلى آخر سور القرآن الكريم حيث يعلّمنا ربنا تبارك وتعالى كيف نستعيذ به من وساوس الشيطان الرجيم الوسواس الخناس. ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس ﴿ مَلِكِ النَّاسِ ﴿إِلَهِ النَّاسِ ﴿مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ [الناس: 114] فلا يستجير المستجير إلا بمن يؤمن بقدرته على حمايته. وإن نظرة أخرى إلى كتب الحديث للاطلاع على تقسيم الأبواب فيها، كصحيحي الإمامين البخاري ومسلم، ومسند الإمام أحمد وغيرها، توقفنا على علاقة الإيمان بالسلوك الإنساني وضبطه لمختلف نشاطاته، وسرّه وعلانيته. وذلك كلُّه يطلعنا على مدى اتساعِ مفهوم الإيمان عند علمائنا الأفاضل، ليشملَ القيم، بكل صفاتها وأنواعها وبواعثها . ففي صحيح البخاري نجد أنه قد بوّب المباحث مرتبطة بالإيمان والإسلام، ومن ذلك باب: الجهاد من الإيمان -  باب: قيام ليلة القدر من الإيمان -  باب: إفشاء السلام من الإيمان -  باب: الحياء من الإيمان - باب: تفاضل أهل الإيمان -  باب: من كره أن يعود في الكفر، كما يكره أن يلقى في النار من الإيمان.
ونجد أيضاً أنه جعل كتاب الإيمان أول صفحة في صحيحه([6])، وذلك إشارة إلى أن كلّ أمر المسلم مرتبط بإيمانه .وكذلك فعل الإمام مسلم، فأول كتاب في صحيحه([7]) هو كتاب الإيمان وتجد تحته أبواباً عراضاً تشمل مختلف سلوك الإنسان في أقواله، وأفعاله ومشاعره، وقد استغرق هذا الكتاب مئة وسبعين صفحة([8]).
وتجد عناوين الأبواب قد صدِّرت بمسائل الإيمان أو بنقيضها، مثل الكفر والنفاق والشرك…الخ. راجع الأبواب رقم (9 –16 –25 –29 –30 –31 – 35) من ص(59) حتى ص (85) .
وفيه عن الأعمال:أبواب كثيرة ومنها:
باب رقم (36): إن الإيمان بالله أفضل الأعمال.
وباب رقم (41): تحريم قتل الكافر بعد قوله لا إله إلا الله.
وباب رقم (42): من حمل علينا السلاح فليس منا.
والأبواب: (47) ، (51) ، (52) ، (53) وغيرها  كثير.
- وفيه عن الأقوال: أبواب كثيرة أيضاً من مثل:
باب رقم (32) باب كفر من قال مُطرنا بالنّوء- وباب رقم (25) باب: بيان خصال المنافق وأوّلها: إذا حدّث كذب .
والأبواب: رقم (45) ، (46) وغيرها.
- وفيه عن المشاعر أبواب كثيرة ومنها:
باب رقم (33): باب: الدليل على أن حبّ الأنصار وعليّ رضي الله عنه من الإيمان.
باب رقم (17): باب: الدليل على أنّ من خصال الإيمان أن يحبّ المسلم لأخيه ما يحبّ لنفسه من الخير.
باب رقم (15): باب: بيان خصال من اتصف بهذا وجد حلاوة الإيمان.
والأبواب: (16) ، (22) وغيرها.
ولا بد من الإشارة إلى أن علماءنا من السلف الصالح بحثوا في كثير من الموضوعات التي يُطلق عليها اليوم بعض الباحثين المعاصرين مصطلح "القيم" لكنهم – أي علماء السلف – عنونوا لها بمسميات مختلفة مثل: (الأمر بالمعروف) و(البر والتقوى) و( مكارم الأخلاق) و(شعب الإيمان) و(فضائل الأعمال) …إلخ.
- والمتأمل لهذه العناوين،  يجد أن لها مدلولاً واضحاً بيّناً، يحرك قارئه ويؤثر فيه، ويتفاعل معه، خلافاً لمصطلح (القيمة) وما يعتوره  من عمومية وغموض، وقد يعترض معترض فيقول: ألم يصف ربّنا تبارك وتعالى دينه بقوله ) … دِيناً قِيَماً( [الأنعام 6/161] والله عز وجل يخاطب عباده بما يُفهَم. ونرد بقولنا: إنَّ ما اتجهت إليه عقول المفسرين في فهمهم لقوله تعالى: )دِيناً قِيَماً( [الأنعام: 6/161] هو ما تقود إليه معاني الجذر (ق - و - م)([9]) فقالوا: أي ديناً ثابتاً مقوِّماً لأمور معاشهم ومعادهم. وقد لا يكون في أذهانهم شيءٌ مما أُلبِسَتْه هذه المفردةُ (القيمة) من دِلالات معاصرة. ومما ذهبوا إليه أنَّ هذا من باب اشتمال الموصوف على الصفة وليس العكس. فالدين يشتمل على القيم، ولا تستوعب القيم الدين. ويقول السيوطي في هذا المجال: ومن سنن العرب وصف الشيء بما يقع فيه، نحو: (يوم عاصف)، (ليل نائم، أو سائد) ([10])، فاليوم يشتمل على ما كان فيه من عواصف، والليل يشتمل على وقت للنوم وآخر للسهر اللذين يكونان فيه. وقد اعتبروا أيضاً أن ((قِيماً)) مصدرٌ كالصِّغَر والكِبّر([11]). ومعروفٌ أنَّ الوصف بالمصدر أبلغ وصف، فعندما تقول: فلانٌ كريمٌ .فإنك لا تصل به إلى درجة وصفك إياه بقولك: فلانٌ كرَمٌ. حيث تفيد الثانيةُ أنَّ فلاناً استغرق الكرَم كلَّه ولم يُبْقِ منه شيئاً. فكأنَّ الدينَ لم يُبقِ قيمةً إلا وأدخلها في نطاقه. هذا إن سلّمنا بمدلول القيمة ومفهومها المعاصر. وسنعرض لمفهوم القيمة عند علماء السَّلَف بدءاً من الفقيه محمد الآجري
 [ … - 360هـ] وانتهاءً بابن حزم [994هـ - 1064هـ].


مفهوم القيمة في كتابات السَّلَف الصّالح:
أ-مفهومها عند الفقيه، محمد الآجري([12]): [    -360 هـ] في كتابه آداب (أو أخلاق) العلماء.
والكتاب رسالة تقع في تسعين صفحة، عالج فيها موضوع (أخلاق العلماء) فبيَّن فيها مكانتهم وفضلَهم معتمداً على أدلةٍ من الكتاب والسُّنة، من مثل قوله تعالى: ﴿...يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة: 58/11]، وبيَّن المقصود من قوله تعالى: ﴿آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً [يوسف: 12/22]، أنه الفقه والعقل والعلم. وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما عُبِد الله بشيء أفضل من فقه في الدين، ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد"([13]).

    ثم ذكر صفة طلب العلم، وربطها بالعبادة فقال: "إن الله قد فرض علينا عبادته، والعبادة لا تكون إلا بعلم"([14]). وبيَّن كيف يمشي طالبُ العلم وحيداً إلى العلماء، برِفق وحِلم ووفاء وأدب، تالياً القرآن أو منشغلاً بالذِّكْر، محدِّثاً نفسه بنعم الله. ثم بيَّن صفة مجالسة العلماء بتواضع وأدب وخفض صوت. ويكون أكثر سؤاله عن علمِ ما تَعَبَّّد الله تعالى به.

    فإذا فتح الله عليه وصار عالماً، ألزمَ نفسه التواضع للعالِم وغير العالِم، للغني والفقير. ومنَعَ أن تُستقضى الحوائجُ به. ووجب عليه أن يداريَ من كان ذهنه بطئياً، ولا يعنّف السائل.

    ثم بيَّن أن همَّ العالم الفهم عن الله، وتحصيل العلم يظهر في تخشُّعه وكل جوارحه، فيكون له خيراً من الدنيا وما فيها([15]). كما بيَّن له كيف يناظر العلماء، وصفة العالم الجاهل المغرور إلى أن ينهي رسالته بوصف من نفعهم الله بعلمه وارتباط تحصل العلم بالتقوى: ﴿واتقوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ [البقرة: 2/282].
    ونلاحظ أن هذا العالم الجليل، والذي بحث مبكّراً موضوعات تتصل بالتربية من جهة، وبالقيم من جهة أخرى، لم يعرّج على شيء من مباحث القِيَم في صورتها ومفهومها الحاضرين. وقد عمد إلى ربط الإيمان بالعمل والسلوك، حيث لا بد من ظهور أثر الإيمان والعلم الذي يخدمه على جوارح المتعلِّم المؤمن. فالإيمان عِلْمٌ وعمَل.
ب-  مفهومها عند ابن مسكويه([16]): [ … -421هـ] في رسالة تهذيب الأخلاق([17]).
 عُني ابن مسكويه كما يبدو من عناوين بعض تصانيفه بالأخلاق، وجاءت وفق مذاهب الفلاسفة في تقسيمهم النفس إلى قوى، وبحث ما يتعلق بها من صفات متضادة، كالخير والشر، والفضائل والرذائل، والسعادة والشقاء. وقد قسّم كتابه إلى مقالات ستة أُولاها، مبادئ الأخلاق، وعالج في هذه المقالة قوى النفس فزعم أن قوة النفس الأولى هي الفكر والتمييز. وشرح ما يتعلق بهذه القوة من عوامل الإرادة وفضائل الحكمة وما يضاددها. والثانية، من قوى النفس- عنده – هي القوة الغضبّية وما يتصل بها من شجاعة أو جبن، وبعد ذلك يحدّثنا عن القوة الثالثة وهي قوة الشهوة ولجامها العفة، والشره تفلتها. ومن تفاعل هذه القوى ينتج سلوك إنساني يتصف إما بالعدالة وإما بالظلم. وللحقيقة ينتابك وأنت تطالع هذه الموضوعات – في مثل هذه المذاهب – شيء من الغرابة والحزن، فعلى علوّ كعب هذا العالم، تستغرب أن يلهث وراء مصطلحات الفلاسفة ومناهجهم في بحث الأخلاق، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"([18]) وقد علّمنا كيف نصنع عند الغضب "الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خُلق من النار، وإنما تُطفَأ النارُ بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ"([19]). وفي أول سورة من القرآن الكريم علّمنا ربنا طلب الهداية منه. وأخبر في أول سورة البقرة أن كتابه لا ريب فيه وهو هدى للمتقين. فالكرم والبخل والشجاعة والحياء وجوامع الأدب مبثوثة في كتاب الله وسنة رسوله، وكذلك آفات النفس وعلاجاتها. فما أشبه موقف ابن مسكويه اللاهث خلف الفلسفة بمن يلهث اليوم ساعياً نحو علماء الغرب، يبتغي الوقوف على حدود مصطلح القيمة عندهم، من غير أن يسأل نفسه ما سرُّ الاحتفال العظيم بالقيم وما يتصل بها في الغرب؟!! ومن غير أن يؤصّل المنهج الذي سيتّبعه في بحثه؟!؟!.
ج- مفهومها عند الإمام الماوردي([20]): [ 364هـ – 450هـ ] في كتابه، أدب الدنيا والدين([21]).
جاء هذا الكتاب في ثلاثمائة وعشرين صفحة. ضمَّت خمسة أبواب هي:
(1) فضل العقل وذم الهوى  
(2) أدب العلم
(3) أدب الدين     
(4) أدب الدنيا
(5) أدب النفس.
وجعل العقل وفضله أول هذه الأبواب، لأنه يعتبره أصل الدين: "واعلم أن أسّ الفضائل وينبوع الآداب هو العقل الذي جعله الله تعالى للدين أصلاً وللدنيا عِماداً، فأوجب التكليف بكماله وجعل الدنيا مدبَّرة بأحكامه". وقال: وجعل ما تعبَّدهم به قسمين: قمساً وجب بالعقل فأكده الشرع، وقسماً جاز في العقل فأوجبه الشرع. ثم بيَّن أن الهوى عن الخير صادٌّ، وللعقل مضادٌّ([22]).
    وفي باب أدب العلم نراه يربط العقل بالعلم: ﴿وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ[العنبكوت: 29/43]. فنفى اللهُ عز وجل أن يكون غير العالِم يعقل عنه أمراً أو يفهم عنه زجراً([23]).
    ثم في باب أدب الدين يقول: وجعل ما تعبدهم به مأخوذاً عن عقل متبوع وشرع مسموع، فالعقل متبوعٌ فيما لا يمنع منه الشَّرع، والشرع مسموع فيما لا يمنع منه العقل. لأن الشرع لا يرد بما يمنع منه العقل([24]).
    وفي باب أدب الدنيا يثبت أن الدنيا مزرعة الآخرة، فيقول: إن الله تعالى جعل أسباب حاجته – أي الإنسان – وجعل عجزه في الدنيا التي شاءها دار تكليف وعمل، كما جعل الآخرة دار قرار وجزاء، فلزم لذلك أن لا يصرف الإنسان إلى دنياه حظاً من غايته لأنه لا غنى له عن التزود منها لآخرته([25]).

    وينتقل بعد ذلك للكلام في باب أدب النفس. فينكر على من يفوّض أمرها إلى العقل أو يتّكل فيها على الطبع إذ لا بدّ له من تأديبها فيقول: اعلم أن النفس مَجْبولةٌ على شيم مهملة وأخلاق مُرسلة لا يستغني محمودها في التأديب ولا يُكتفى بالعرضي منها عن التهذيب …فإن أغفل تأديبها تفويضاً إلى العقل أو توكّلاً على أن تنقاد إلى الأحسن بالطبع أعدمه التفويض درك الجاهلين، وأعقبَه التوكّل ندم الخائبين([26]).
   وبعد ذلك يبسط الكلام في آداب المواضعة والاصطلاح. فيقرِّر أنها ضربان، أحدهما ما تكون المواضعة في فروعه والعقل موجب لأصوله، والثاني: تكون المواضعة في فروعه وأصوله([27]). ثم ذكر فصولاً من مثل الكلام والصَّمت، الصَّبر والجزع، المشورة.
    وهذا الكتاب جامعٌ فعلاً لأدبي الدين والدنيا، ضمّنه الكاتب عيون الشعر العربي، وَخاطب فيه العقل، وربطه بالدين، وجعل المشاعر تبَعاً له، وكذلك الجوارح. هو بكل ما فيه مرتبط بالإيمان وأركانه وبالشريعة وأحكامها. وعالج مسألَتَي العقل والنَّقل استناداً إلى الكتاب والسنّة، ولم يتوحّل في مستنقعات الفلاسفة. وكل ما فيه يمكن أن نسمّيه أدب الدين في الدنيا، حيث يصدر بكل ما فيه من مصادر هذا الدين الحنيف، ويعبّر هو عن هذا الفهم بعلاقة الدنيا- بكل ما فيها – بالآخرة متبنيا قول محمود الورّاق([28]): [من البحر السريع].         
لا تُتْبِعِ الدنيا وأيامَها
من شر
ِف الدنيا وأيامها


ذَمَّاً وإن دارت بك الدائرة
أنَّ بها تُستدرك الآخرة
([29])

د-مفهومها عند الإمام البيهقي([30]): [ 384 هـ – 458هـ] في كتابه شعب الإيمان، والذي انطلق فيه من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "الإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون شعبة. فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان"([31]).
   وإن كان هذا العالم الجليل قد شغل نفسه في اختيار شعب توافق العدد الوارد في الحديث أي وفق اثنتين وسبعين شعبة ودون الثمانين، فإننا لم نقع في كتابه على تصريح يرفض فيه أن يدخل الكثير من أنواع السلوك البشري تحت عنوان شعبة من الشعب. كذلك لم نقف على قول له يفيد أنه أقفل الباب في وجه شُعَب أخرى مستجدة، أو يستدركها عليه أحد معاصريه. ولا نتصور أن الإمام البيهقي فهم من الحديث أنّ الشُّعَبَ التي عدّها هي الإيمان فحسب وأنه تعامل معها كأركان الإيمان. ودليلنا على ذلك أنه لم يلزم أحداً باتباع ما أورده، ولم تتعامل الأمة بعلمائها وعوامها مع كتابه على هذا الأساس بل العكس فالواقع يشهد أن كثيراً من العلماء لم يطلعوا حتى على الكتاب.
    وهو مؤلَّف ضخم جاء في سبعة أجزاء، ضمَّ الأول منه إحدى عشرة شعبة والثاني ثماني، والثالث ست، والرابع ثلاث عشرة، والخامس عشرة، والسادس خمس عشرة، أما السابع فضم أربع عشرة. ويكون إجمالي الشعب التي عنون لها وبحثها سبعاً وسبعين شعبة . وقدَّم للكلام على الشعب بتبيان ذكر الحديث الذي ورد في شعب الإيمان ثم أردف في الكلام على حقيقة الإيمان والكفر، وأنّ الطاعات كلَّها إيمان، وغير ذلك من مثل زيادة الإيمان ونقصانه والاستثناء في الإيمان… الخ وجعل لكل شعبة باباً وأورد تحته فصولاً كثيرة.
    وأول شعبة عنوَن لها: الإيمان بالله وبحث تحتها فصولاً في معرفة الذات والصفات والأسماء. ثم استوفى البحث في ما يعرف بأركان الإيمان. وفي الأجزاء الأخرى درج على المنهج نفسه، وهو ربط السلوك والمشاعر من عبادات وعادات وأفعال وأقوال بالإيمان: مثل حبّ النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه، وطلب العلم، وتعظيم القرآن الكريم. وقد استغرقت هذه الشعبة من ص: 319 حتى نهاية الجزء الثاني ص: 564 وربط ذلك كلّه بالإيمان، ويقدم للشعبة مما ورد في شأنها من الكتاب الكريم والحديث الشريف. ويضم كلُّ بابٍ (أي شعبة) فصولاً هي غاية في الدقة، ويبيِّن الحكم الشرعي فيها وموقف الإسلام منها.


وقد عرّج على مختلف نشاطات الحياة: السياسية والاجتماعية والاقتصادية من تشميت العاطس([32]) إلى العلاقة بولي الأمر(2) إلى أكل المال بالباطل(3)…إلخ. حتى إنّه يبيّن كيفية العطاس، وكيف يقف الزائر بالباب، وكيف يطرقه للاستئذان.

ولندع صاحب الكتاب نفسه يحدد لنا سمة الكتاب الأساسية أو هدفه من تأليفه حيث يقول: "ثم إني أحببت تصنيف كتابٍ جامعٍ لأصل الإيمان وفروعه، وما جاء من الأخبار في بيانه وحسن القيام به"(4) وبعد أن بيّن حقيقة الإيمان قال: "إذا أوجبنا أن تكون الطاعات كلُّها إيماناً، لم نوجب أن تكون المعاصي الواقعة من المؤمنين كفراً، ... "(5) وهم قد فهموا ذكر العدد في الحديث على عادة العرب، حيث المقصود به الكثرة لا العدد بعينه، ونحن حتى أيامنا هذه نستعمل هذا الأسلوب فيقول قائل: لقد اتصلت بك أو زرتك مئة مرة ولم أحظ بك ويقصد: زرتك مراتٍ عدة.
    وذلك مثل قوله تعالى: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ [التوبة: 9/80].

 ومثله إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً مَن أحصاها دخل الجنة"(6)



    فإنَّ هذه الصيغ لا تفيد الحصر أو الجزم، لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إني خُيرت فاخترت"([33]). وأَمْرُهم إلى الله عز وجل كما ثبت في الآية… وكذلك ليس هناك مانع من أن يكون لله أكثر من تسعةٍ وتسعين اسماً. فهو الشافي وهو الآمر وهو الناهي، وهذه لم ترد مع التسعة والتسعين المعروفة، بل أجاز العلماء أن يسمّى الله عز وجل بأسماء مشتقة من الأفعال الواردة عنه في القرآن الكريم من مثل: الآمر، الناهي، الصانع، الرامي… وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى [الأنفال: 8/17]. شرط أن لا توهم اتصافه سبحانه وتعالى بما فيه نقص بكمال الألوهية وجلال الربوبية([34]). وقد ذكر ابن العربي في كتابه الأحوذي في شرح الترمذي، أن بعضهم جمعَ من الكتاب والسُّنة من أسماء الله ألف اسم([35])
  -مفهومها عند الإمام أبي حامد الغزالي([36]) [ 450 هـ – 505 هـ] في كتابه، إحياء علوم الدين، نرى بوضوح، وعبر ثقافة هذا العالم الشمولية الموسوعية، كيف يربط مباحثه كلَّها، وليس العقائد فحسب بالإيمان. فالعبادات فرع على الإيمان، وكذلك نراه يعالج الآفات بالطاعات وبمراقبة الذات على أساس من الخوف والرجاء: الخوف من ناره وشديد عقابه تعالى، والرجاء برحمته ومغفرته وعدم اليأس. فنراه يبث الآيات التي يتوعد فيها عز وجل بعذابه من مثل :
﴿ ولاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [ البقرة: 2/174].
﴿... خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ [آل عمران: 3/88] و﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ [النساء: 4/56] وقوله تعالى في الرجاء ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزّمر: 39/53]. والذي يستعرض هذا السِّفْر العظيم ، رغم ما فيه من أحاديث ضعيفة أو موضوعة([37])، يقف على مدى اتساع مفهوم القيمة إسلامياً مقارنةً بمفهومها الغربي الحديث. فهذا الكتاب بأجزائه الأربعة يمكن إرجاع كل ما فيه إلى قيمة من القيم الإسلامية وبالتالي إلى الإسلام بعموم أركان إيمانه وأحكام شريعته. فالجزء الأول منه وكذلك الثاني، يتعرض فيهما المؤلف لقيم العلم ثم لقواعد العقائد ومحاولة الكشف عن أسرار العبادات وأثرها في تقويم الخلق وتخليص القلب من الآفات، واللسان من الزلات، والحرص على مفيد العادات، بالذكر والتأسي بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وسيرة السلف الصالح من كبار الرجالات، وبمراقبة الذات والمحافظة على الطاعات وتجنب المعاصي والموبقات. ويعرّج فيهما على أحكام المعاملات، وليس من جانب فقهي وأحكام شرعية فحسب، إنما تراه يربط الحكم الشرعي بأصل إيماني وبصفة خُلُقية… ولم يَنْسَ دَوْرَ الفضائل الخلقية في تربية النفس وتزكيتها، فتراه يتكلّم على الألفة والأخوّة وحسن الصحبة والمعاشرة، وينفّر من الحقد والبغض ويأمر بكظم الغيظ والعفو و…الخ معتمداً في ذلك على الآيات القرآنية ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ [آل عمران: 3/ 134].
    وكذلك تراه في الجزء الثالث يهتم برياضة النفس وتهذيب الأخلاق وكأنه يعزّز مفصّلاً ما ذكره في الجزأين الأولين مُجْملاً وخاصة في رياضة النفس وتهذيب الأخلاق ومعالجة أمراض القلب كالحقد والحسد والكبر والغرور.
ولا بد أنه استقرى كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام فوقف على كثير من هذه الأمراض والآفات. وكذلك الوقوف على أحوال القلب المؤمن من مثل، الانشراح والخشوع والطمأنينة والإلفة واللين والرأفة والرحمة والإنابة وغير ذلك من انفعالات القلب المستكرهة من مثل، التنافر والحسرة والريبة والزيغ والغلظة والظن السيئ… الخ. فكل ذلك ورد في آيات القرآن الكريم. وإن نظرةً إلى المعجم المفهرس لمواضيع القرآن الكريم([38]) باب القلب وأمراضه وانفعالاته ترشدك إلى عشرات الآيات في هذا الباب، وآفات اللسان كالمراء واللعن والقذف والكذب والغيبة والنميمة.
﴿ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ … [الحجرات: 49/12]
﴿ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ [الحجرات: 49/11]
﴿ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين: 83/14]
وقوله تعالى: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ [النور 24/22].
وقوله تعالى: ﴿إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً [النساء: 4/149].
    وجاء الجزء الرابع من النسيج نفسه، والمادة عينها، وإن اختلفت العناوين والتسميات إلا أنه يستغرق في تبيان فضائل التوبة وقيمة الصبر ومكانة الشكر ومرتبة الزهد وعلوّ شأن التفكر وإعمال الفكر، ويُعلي مكانة النية ويربط ما تقدم كلَّه بالإخلاص.. وكأنه يقول في ختام كتابه في الجزء الرابع هذا ، إن المعول عليه في مباحثي كلِّها هو حسن الإيمان فلا قيمة لعملٍ بلا إيمان.

و- مفهومها عند الإمام الذهبي([39]): [ 673 هـ – 748 هـ] في كتابه الكبائر. وهو جزء واحد اهتم فيه بتحديد الكبيرة. فهي عنده، ما نهى الله ورسوله عنه في الكتاب والسنة والأثر عن السلف الصالحين، وذلك لكي يجتنبها المسلمون كما ذكر([40]).
ثُمّ اهتمَّ بتبيان عددها فذكر أنه قيل: هي سبع اعتماداً على قول النبي صلى الله عليه وسلم (اجتنبوا السبع الموبقات)([41]). ثم بيّن موقفه بقوله: أما الحديث فما فيه حصر الكبائر([42]). وذكر سبعين كبيرة معتمداً في ذلك على قول ابن عباس رضي الله عنه: هي إلى السبعين أقرب منها إلى السبع([43]) أولها، الشرك بالله، وآخرها، سب أحد من الصحابة رضوان الله عليهم. ويعتمد في بيان كل كبيرة على ما جاء فيها من الكتاب الكريم وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، مبيناً حال مرتكبها، ويربط كلَّ ذلك بالإيمان، وقد يستطرد في البعض منها فيذكر موعظةً أو حكاية. وإذا وقفت على منطلقه ومنهجه في هذا الكتاب ترى أنَّ قضية الإيمان هي الصورة الأولى الماثلة في ذهن المؤلف حيث عَنون للكبيرة الأولى بـِ (الشرك بالله) فكان يقول: كما أنَّ الإيمان هو أساس الطاعات والفضائل، فإن الشرك بالله هو مبعث الكبائر والرذائل. ثم ربط كلَّ ما ذكر من كبائر في الكتاب بهذا الأصل (الإيمان) أو قل بنقيضه (الشرك). ونشير إلى أن ما يراه الإمام الذهبي كبيرةً قد لا يراه غيرُه من العلماء كذلك. وهذا يؤكد اختلاف ترتيب سُلَّم القيم عنده.
ز-مفهومها عند  الإمام ابن قيم الجوزية([44]): [ 691 هـ- 751هـ] في كتابه مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين. وهو ثلاثة أجزاء، كلٌّ منها في مجلّد.
بدأ الأول منها في بيان هداية القرآن الكريم، والمطالب العالية التي اشتملت عليها سورة الفاتحة، وأن الصراط المستقيم أجلُّ المطالب، وكذلك بيَّن دلالة الحمد على توحيد الأسماء والصفات، واهتم بتبيان مراتب الهداية ومراتبها وأنواعها، كما ردّ على الكثير من الفرق مثل المجوسية، والقدرية والجهمية والجبرية. وكذلك ردّ على منكري علم الله بالجزئيات، ومنكري النبوات. وقسّم الناسَ إلى أهل عبادة ومعترضين، وانقسام العبودية إلى عامة، وخاصة، وبيّن منازل إيّاك نعبد، ومنزلة المحاسبة وأركانها والتوبة وشروطها. وتكلم عن أعذار الخليقة المحمودة والمذمومة. وتكلم عن اللمم والكبيرة، والكفر الأكبر وأنواعه، وأفرد باباً عن مشاهد الناس في المعصية وموقعها من نفوسهم([45]). وعالج في الجزء الثاني على طريقته في الجزء الأول موضوعات من مثل: الإخبات، الزهد، الورع، التبتُّل، الرجاء، الرعاية، المراقبة، الإخلاص، الاستقامة، التوكل، التفويض والصبر، وأفرد أبواباً أخرى للصدق والخُلُق، والمروءة، والعزم والإرادة، واليقين والأنس بالله، والعلم، والسكينة، والطمأنينة، وربط كل ذلك بالإيمان وما وقر منه بالقلب وتحركت به الجوارح. وبيَّن أثر الجوارح وخاصة اللسان والحواس على القلب([46]). وفي الجزء الثالث تابع كلامه عن الهمَّة، والمحبّة، والغيرة، والشوق، ومنازل القلق، والعطش، والوَجْد، والدهشة، والهَيَمَان، والوقت، والنفَس. وتعرّض لأبواب أُخر مثل باب المعاتبة، والحياة، والقبض، والسكر. ويعرّف كلاّ منها ويبيّن المراتب موضحاً المقصود بالمصطلح منكراً على الصوفية بعض المصطلحات([47]) ولا تنفك جميع هذه الأبواب والموضوعات مرتبطة بالإيمان، مستدلاً بأحكامه فيها من الكتاب والسنّة.
ح- مفهومها عند الإمام ابن حزم([48]): [994هـ – 1064هـ] في رسالة الأخلاق والسّيَر. فهو بعد أن عرض للفضائل وبيّن مصادرها وشرح كيفية اكتسابها، معتمداً في ذلك على العقل وقواه وقدرته المعرفيّة وعلى التعلّم والمران في تهذيب النفس عبر التمسك بقوانين السلوك الفاضل، كأنه فطن إلى فئة ليست بالقليلة بين الناس، وهم الذين لا يملكون هذه القدرة، والذين لم يتمكَّنوا من الممارسة والمران على يد معلِّم، أو الذين لا يتبعون هذه الطرق العلاجية، فطلب من هؤلاء جميعاً أن يتَّبعوا  الأوامر الدينية، ولذلك يوصي: "من ليس عنده هذه القدرة العقلية والعلاجية بأن يتبع الأوامر الدينية. فمن جهل معرفة الفضائل فليعتمد على ما أمره الله ورسوله  فإنه يحتوي على جميع الفضائل"([49]).
    ونرى أن العقل يوجب اتباع الأوامر الدينية ابتداءً وانتهاءً لما في ذلك من مصلحة الإنسان في أمور دينه ودنياه، فالخالق القدير زوّده بالعقل ليهتدي إلى وجوب وجوده فإذا أمكنه ذلك، أسلم قياده للشرع لمعرفة مراد الخالق عز وجل، إذ هو أعرف بما يصلح أمور خلقه وعباده، ولنا في الرسول  أسوة حسنة. فلا نرى أن هناك داعياً لنلجأ إلى طرقٍ ورياضات وقد تَرَكنا عليه الصلاة والسلام على المحجَّة البيضاء.
ملاحظات حول مفهوم القيمة في كتابات السلف الصالح من خلال الكتب التي عرضناها:
(أ)  إنَّ الكتب التي عرضناها كلَّها ينطلق منها مؤلفوها من قاعدة مفادها أن الإيمان أصل كل السلوك الإنساني، وهم يربطون كلَّ مباحثهم بهذا الأصل الكبير.
(ب) لم نقع في هذه الكتب على اعتماد مؤلفيها مصطلح القيمة. بل نرى المعوَّل عليه في مباحثهم هو الحكم الشرعي من حرام وحلال ومندوب ومكروه ومباح… الخ.
(ج)  هناك تداخل كبير في تقسيم الأبواب والفصول من حيث مضمون الموضوعات وانتماؤها. وهذا يدّل على وحدة التشريع الإسلامي واستجابته للطبيعة الإنسانية. وبالتالي نشعر أنه ليس سهلاً على الباحث أن يصنّف أو يبوِّب وفق محكات مميزة حادة.
(د)  اعتماد مؤلفي هذه الكتب على مصادر التشريع الإسلامي، واستخدامهم مصطلحات تنسجم مع المدلول اللغوي المعجمي من جهة، ومع الفكر الإسلامي عموماً من جهة أخرى، باستثناء ابن مسكويه الذي ذهب في مباحث كثيرة يستجدي الفلسفة وشطحاتها، ولعل الدافع إلى وضع كتاب مدارج السالكين، كما صرّح صاحبه ابن قيم الجوزية، عصف الأهواء في القلوب، وتمكّن آراء الرجال وتحكّم أسقام الجهل في العقول. فهو يَعْجَبُ من مثل هؤلاء كيف جعلوا غذاءهم من آراء لا تسمن ولا تغني من جوع، ولم تغتذِ بكلام رب العالمين ونصوص حديث نبيه، فهو ينعي إليهم تمييزهم – في إعراضهم هذا – بين الخطإ والصواب إذ خفيت عليهم أو حرموا من مطالع الأنوار من السنة والكتاب، بتمسكهم بكثرة الجدال، وضروب الأمثلة، وتنوع الأشكال، وباعتمادهم على الإشارات والشطحات وأنواع الخيال([50]).


(1) مرَّ تخريجه، ص: 68 .

(1)  رواه ابن أنس، الإمام مالك؛ الموطأ: رقم 400 ص: 789 وبلفظ ( صالح ) بدل ( مكارم ) عند البيهقي في شعب الإيمان، باب: في حسن الخلق ورقمه ( 75 ) ورقم الحديث 7978 ج6/ص: 231.
(2)  أثبته الإمام البيهقي، أحمد بن الحسين؛ في شُعب الإيمان، باب في حسن الخلق ورقمه: (57) ورقم الحديث (8012) ج6/ص:241.
([3]) مرّ تخريجه ص:52.
([4]) أخرجه الإمام ابن حنبل ، أحمد؛ المسند: مسند المكثرين من الصحابة، باب: مسند عبد الله بن مسعود  ورقم الحديث:3490.
([5]) مر تخريجه، ص:63.
([6]) اعتمدنا في تبيان الأبواب على نسخة دار الكتب العلمية /بيروت/مجلد واحد:ط:3 س :2003
([7]) اعتمدنا في تبيان الأبواب وأرقامها على نسخة ابن حزم 4 مجلدات والخامس للفهارس:ط1، س:1995. نظراً لإثبات الأبواب وأرقامها بخط كبير ملوّن مميَّز وبارز يسهل الرجوع إليها.
([8]) راجع نسخة دار ابن حزم من ص: 46 حتى ص: 172.
([9]) راجع المفردات: للراغب الأصفهاني؛ ص: 417 – والتفسير الكبير: للرازي؛ ج30 /ص: 42 وغيرهما من كتب التفسير.
([10]) السيوطي، عبد الرحمن، جلال الدين؛ المزهر في علوم اللغة وأنواعها: ج1/ص:336.
([11]) ابن منظور، محمد بن مكرم؛ لسان العرب مادة(ق_و_م): ج12/ ص: 503.
([12])هو محمد بن الحسين بن عبد الله ، الآجري البغدادي، [… - 360هـ]، وله: أخبار عمر بن عبد العزيز، والتهجّد (عن معجم المؤلفين، لعمر رضا كمالة 9/243). وعاش بمكة المكرمة ثلاثين سنة وتوفي فيها (عن التعريف بالمؤلف الوارد في النسخة التي اعتمدنا عليها، ص: 4) وهي لدار الكتب العلمية، بيروت، سنة 1985م.
([13]) وفي سنن الترمذي، محمد بن عيسى بن سورة "عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لفَقِيهٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ"، كتاب: العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب: ما جاء في فضل الفقه على العبادة، رقم: 2686، ص: 757. وقَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَلا نَعْرِفُهُ إِلا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ. (قال الحافظ في تهذيب التهذيب  قال الساجي: هو حديث منكر. قال الشوكاني في الفوائد المجموعة حديث : ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في الدين, وفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد, ولكل شيء عماد وعماد هذا الدين الفقه. قال في المختصر: ضعيف وفي المقاصد: لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد أسانيده ضعيفة لكنه يتقوى بعضها ببعض (المُباركفوري، محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم؛ تحفة الأحوَذي بشرح جامع الترمذي ( ج7/ص: 374).
([14]) الآجري، أبو بكر بن الحسين بن عبد الله؛ أخلاق العلماء: ص: 30.
([15]) الآجري، أبو بكر بن الحسين بن عبد الله؛ أخلاق العلماء: ص: 51.
([16]) هو أحمد بن محمد بن يعقوب المعروف بمسكويه الخازن. فيلسوف ومؤرخ وأديب. وله: ترتيب العادات، وَتطهير الأعراق في علم الأخلاق، وَالقدَر الأكبر. (نقلاً عن معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة جـ2 / ص: 168)
([17]) اعتمدنا في رسالة تهذيق الأخلاق على نسخة حققها قسطنطين زريق، بيروت 1976م.
([18]) مرَّ تخريجه في ص: 70.
([19]) أخرجه أبو داود، سليمان بن الأشعث؛ في السنن كتاب: الأدب، باب: ما يُقال عند الغضب ، ورقم الحديث: (4784 )، ص: 726 عن عطية رضي الله عنه.
([20]) هو علي محمد بن حبيب البصري، المعروف بالماوردي، كنيته (أبو الحسن)، فقيه أصولي، عُني بالتفسير والأدب والفكر السياسي- له في الفقه: الحاوي الكبير في فروع الفقه الشافعي. واشتُهر بكتابه: الأحكام السلطانية. (نقلاً عن معجم المؤلفين: لعمر رضا كحالة؛ ج7 / ص: 189).
([21]) اعتمدنا في دراسة هذا الكتاب على نسخة دار الكتب العلمية، بيروت: 1987م.
([22]) الماوردي، أبو الحسن، علي بن محمد بن حبيب؛ أدب الدنيا والدين: ص: 5.
([23]) الماوردي، أبو الحسن، علي بن محمد بن حبيب؛ أدب الدنيا والدين: ص: 24.
([24]) الماوردي، أبو الحسن، علي بن محمد بن حبيب؛ أدب الدنيا والدين: ص: 70.
([25]) الماوردي، أبو الحسن، علي بن محمد بن حبيب؛ أدب الدنيا والدين: ص: 108.
([26])  الماوردي، أبو الحسن، علي بن محمد بن حبيب؛ أدب الدنيا والدين: ص: 108 وَ ص: 197.
([27]) الماوردي، أبو الحسن، علي بن محمد بن حبيب؛ أدب الدنيا والدين: ص: 236.
([28]) هو عبد الرحمن بن محمد بن إسماعيل بن حامد الإمام أبو القاسم ضياء الدين القرشي المصري ابن الورّاق، كان إماماً عالماً ورِعاً، تفقَّه على الشهاب الطوسيّ، وسمع من ابن برِّي وغيره، توفي في جمادى الآخرة سنة ست عشرة وستمئة، كتب بخطّه كتباً كثيرة، قيل: إنها بلغت أربعمائة مجلدة. (نقلاً عن طبقات الشافعية: للأسنوي، جمال الدين عبد الرحيم: ج2/ص: 311).
([29]) الماوردي، أبو الحسن، علي بن محمد بن حبيب، أدب الدنيا والدين: ص: 109.
([30]) أبو بكر، أحمد بن الحسين، البيهقي؛ محدِّث وفقيه شافعي، وله السُّنَن الكبرى في الحديث، ودلائل النبوَّة. (نقلاً عن معجم المؤلفين: لعمر رضا كحالة؛ ج1/ص: 206)
([31]) مرَّ تخريجه سابقاً، ص:68.
([32]) راجع ج7/ ص: 23 حتى ص: 32.
(2) راجع ج6/ ص: 3 حتى ص: 46.
(3) راجع ج5/ ص: 249 حتى ص: 263.
(4) راجع ج1/ص: 28 .
(5) راجع ج1 / ص: 37.
(6) متفق عليه، أخرجه الإمام البخاري، محمد بن اسماعيل؛ في الصحيح: كتاب: الدعوات ورقمه(80)، باب: لله عز وجل مائة اسم غير واحد ورقمه(70)، ورقم الحديث: 6410، ص:1171، والإمام مسلم ابن الحجاج النيسابوري؛ في الصحيح، كتاب: الذّكر والدعاء والتوبة والإستغفار ورقمه(48)، باب: في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها ورقمه(2)، ورقم الحديث: 2677،ص: 1638عن أبي هريرة رضي الله عنه.

(1) ابن العربي، محمد بن عبد الله، أبو بكر؛ أحكام القرآن:ج2/ص:991. أخرجه الإمام الترمذي، محمد بن عيسى بن سورة: تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ج5/ ص:279 ورقمه3097، باب: ومن سورة التوبة.
([34]) حبنَّكة، عبد الرحمن حسن، المعروف بالميداني، العقيدة الإسلامية وأسسها، ص: 245.
([35]) البلينهي، صالح إبراهيم؛ عقيدة المسلم والرد على الملحدين والمبتدعين: ج2/ص: 13.
([36]) هو محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي، الشافعي، أبو حامد المعروف بالغزالي، لقّب بـ"حجة الاسلام، حكيم متكلم، فقيه، أصولي، صوفي. ولد في الطابران بخراسان سنة450هـ وتوفي فيها سنة505هـ. وله: إحياء علوم الدين، والحصن الحصين في التجريد والتوحيد، والمستصفى من علم الأصول وغيرها كثيرة( نقلا" عن معجم المؤلفين: لعمر رضا كحالة؛ج11/ص:266).   
([37]) اعتمدنا على نسخة دار المعرفة، بيروت، والتي بذيلها كتاب: المغني عن حمل الأسفار في الأسفار، وهناك نسخة جديدة، حقّقها الدكتور عبد الله الخالدي لم يُبقِ فيها إلا الأحاديث الصحيحة.
([38]) معروف، محمد؛ المعجم المفهرس لمواضيع القرآن الكريم: ص: 446 إلى ص: 453.
([39]) هو الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان، قايماز الذهبي، تركماني الأصل من أهل ميافارقين، وولد فيه سنة [673هـ وتوفي بد مشق سنة 848هـ] كان حافظاً ومؤرخاً وعلامة ومحققاً، رحل في طلب العلم إلى مصر، القدس، والحجاز. له تصانيف كثيرة تربو على مئة مصنف. منها: تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام- الإمامة الكبرى – زغل العلم (نقلاً عن مقدمة كتابه الكبائر، نسخة دار مكتبة الحياة ص: 5، وهي التي اعتمدت عليها).
([40])راجع كتاب الكبائر للإمام الذهبي ص:7.  
([41]) الحديث متفق عليه،أخرجه الإمام البخاري، محمد بن إسماعيل؛ في الصحيح: كتاب: الوصايا ورقمه(55)، باب قول الله تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً{ [النساء: 4/10]، رقم الحديث: 2766، ص: 510 ، والإمام مسلم، ابن الحجاج النيسابوري؛ في الصحيح، كتاب:  الإيمان ورقمه(1)، باب: بيان الكبائر وأكبرها ورقمه(38)، ورقم الحديث: 89، ص: 88 عن أنس بن مالك رضي الله عنه. وهي: الشرك بالله، السحر ، قتل النفس بغير حق ، أكل الربا، أكل مال اليتيم، التولي يوم الزحف، قذف المحصنات المؤمنات الغافلات.
([42]) الذهبي، محمد بن أحمد، الكبائر: ص: 7 ، ص: 8.
([43]) أورد قوله هذا الطبري، محمد بن جرير؛ في تفسيره: ج5/ص: 27.
([44]) هو محمد بن أبي بكر، بن أيوب، بن سعد الزرعي الدمشقي، ولد بدمشق سنة 691هـ – وتوفي فيها سنة 751هـ . عُني بدراسة الفرق الإسلامية برعاية شيخه ابن تيمية، وله مؤلفات كثيرة منها: الروح وأعلام الموقعين وزاد المعاد وأخبار النساء ، ويعد من أركان الإصلاح الإسلامي. (عن مقدمة الناشر لكتابه ، مدارج السالكين – دار الكتب العلمية، ص: 5).
([45]) راجع مشاهد الناس في المعصية في الجزء الأول من مدارج السالكين، ص: 431 وما بعدها.
([46]) راجع موضوع اليقين ومراتبه في الجزء الثاني من مدراج السالكين: ص: 413 وما بعدها.
([47]) راجع باب السكر ص: 318 من الجزء الثالث من مدارج السالكين. مع العلم أنه لم يستطع التخلّص من استخدامه الكثير من المصطلحات الصوفيَّة والتخلّص كذلك من منهجهم في عرض بعض القضايا.
([48]) هو علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، الفارسي الأندلسي، فقيه أديب، أصولي مُحدِّث، حافظ متكلِّم، ولد بقرطبة سنة 994هـ، وأقصي وطورد لكثرة انتقاده للعلماء، فرحل إلى بادية لبلة في الأندلس، وتوفي فيها سنة 1064هـ. له تصانيف كثيرة منها: إيصال إلى فهم الخِصال الجامعة لمحصل شرائع الإسلام في الواجب والحلال ومداواة النفوس، والفصل بين أهل الأهواء والنِّحل. وكان من أهل الظاهر فألَّف مصنفاً أسماه: الالتباس فيما بين أصحاب الظاهر وأصحاب القياس. (نقلاً عن معجم المؤلفين،لعمر،رضا كحالة، ج7/ص: 16).
([49]) أبو زهرة، محمد؛ ابن حزم حياته وعصره وآراؤه الفقهية: ص: 156.
([50]) ابن قيّم الجوزية، مدارج السالكين: ص: 8 وص: 10.

1 comment:

  1. The casino - Dr. MD
    We've got your 여주 출장안마 back. 부산광역 출장마사지 The 천안 출장안마 casino. Dr. MD. Casino The casino. Dr. MD. Online 전주 출장안마 casino. Online 경상북도 출장안마 casino. Home. Dr. MD.

    ReplyDelete