Tuesday, January 10, 2012

المبحث السابع: الكشف عن القيم في محتوى اللغة العربية للصفين الرابع والسابع من مرحلة التعليم الأساسي.
     سأستقري محتوى هذين الصفين بكل عناصره، أي الدليل التربوي وكتاب المتعلم ودفتر التمارين للصف الرابع، إذ الصف السابع لم يخصص له دفتر تمارين. وسأعرض نتائج الاستقراء والملاحظات على محتوى الصفين معاً. مشيراً إلى المصدر ورقم الصفحة فيه بين معقوفين،هكذا   [     ]. أما الكلام المأخوذ من الدليل التربوي أو من كتاب المتعلم أو من دفتر التمارين فسأجعله بين مزدوجين صغيرين هكذا "    " وسأعرض ما أجده في محتوى الصف الرابع أولاً ثم أقوم بعرض ما أجده في محتوى الصف السابع. ولن أبقى على عناوين القيم نفسها التي بحثنا عنها في الصف الأول، لارتباط بعضها بتلك المرحلة العمرية تحديداً، كالقيم المرتبطة بأسماء الحيوانات وأنواعها. ونشير إلى أننا لم نقع على أيّ دراسة عن القيم في مناهج اللغة العربية في الجمهورية اللبنانية. وكل ما وجدناه يتمحور حول اللغة، ومنها:
1-  دراسة للدكتور عبد الفتاح الزين عنوانها: بعض ما لنا على كتاب القواعد العربية – السنة الرابعة – التعليم الأساسي([1]). وأبرز ما جاء فيها قصور تعريفات المؤلفين، الفعلين الماضي والمضارع. حيث ناقش دلالة الفعل على الزمن. وعلاقة الفاعل بالفعل وحقيقة قيامه به... ووظيفة ألف تنوين النصب، ووظيفة حرف المدّ. ثم عرض بعض التراكيب والمفردات وخاصة ما جاءت فيها عين المضارع محركةً خطأً. وختم بتبيان القواعد والأحكام الناقصة.
2-  دراسة للدكتور جوزيف إلياس، وكلّها ملاحظات لغوية، باستثناء بعض بنود ما جاء تحت عنوان: ملحق ملاحظات على منهج قواعد اللغة العربية. فقد التفت فيها إلى قضايا في منهجية العرض وترابط الموضوعات([2]).
3-  وهناك دراسة أخرى موجزة للأستاذ حسن نحاس لفت فيها إلى بعض النقائص التي اشتملت عليها نصوص الكتاب ونشاطاته. وختم دراسته بدعوة لإعادة الاهتمام بالتربية الأخلاقية([3]).
4-  كما أن هناك دراسة موجزة جداً للأستاذخليل الأيوبي تناول فيها محتوى منهج مادة اللغة العربية للصفين الأول والرابع من مرحلة التعليم الأساسي([4]).
    وقبل أن نعرض نتائج استقرائنا لمحتوى الصفين، لا بدّ أن نعرّج على أسس التأليف، وعلى المنهجية المعتمدة، وعلى مدى مناسبة المحتوى لقدرات المتعلمين في هذين الصفين.
أ- أسس التأليف ومنطلقاته: لا تجد في محتوى منهج اللغة العربية للصف الرابع أساسي، هذا العنوان " أسس التأليف " لكن مقدمة كتابي القراءة والقواعد اشتملتا على ما يشير إلى هذه الأسس باختصار وضبابية. ومما يُعد من الأسس في مقدمة كتاب القراءة([5]):
1- أن اللغة وعاءٌ للفكر وناقلته.
2- أنّ تعلّم اللغة قراءة ومحادثة وتحليلاً وتعبيراً خطياً، ينمي قدرات المتعلّم التواصلية وما يتعلق بها من مهارات.
3- أنّ المتعلّم هو محور العملية التربوية. والهدف تنمية قدراته الفكرية والسلوكية، وحثّه على الاكتشاف والابتكار...
4- تعزيز القيم الروحية والأخلاقية، وتوجيه حسّه النقدي من غير انحياز.
   أما في مقدمة كتاب القواعد فنجد منها: ([6])
1-   اعتماد العربية الفصيحة لغة تواصل وتعلّم.
2-   ربط اللغة بالحياة في جعلها وظيفية، إلى جانب تنميتها عند المتعلّم لغة أدب وإبداع.
3-   ضرورة تبويب المسائل النحوية والصرفية بدءاً من الصف الرابع.
4-   إسقاط ما هو غير وظيفي منها.
5-   اعتماد وحدة اللغة رغم التمييز بين فروعها، واعتماد نصوص القراءة منطلقاً لتدريس القواعد والإملاء.
    أما في محتوى السابع فقد أفردوا في مقدمة كتاب القراءة عنواناً خاصاً أسموه: " أسس تأليف الكتاب". ثم قسموا هذه الأسس إلى :أسس تكوينية وأسس تقنية. وقد اشتملت على كل بُعد من الأسس في الصف الرابع. وزادوا عليها أموراً منها: ([7])
1-  تكوين الآراء واتخاذ المواقف الشخصية تعبيراً عن طاقات وجدانية، وقيم روحية وأخلاقية واجتماعية ووطنية وقومية وإنسانية.
2-    اكتساب مهارات من طريق التعلّم الذاتي بالمطالعة والبحث.
3-    تنمية الثقة بالنفس، واحترام الآخر والتعاون معه.
4-  قراءة اللوحات والصور المرافقة للنصوص على أنّها من وثائق المحور أو الدرس وعدم اعتبارها عاكسة للنص.
ولا تجد جديداً في مقدمة كتاب القواعد للصف السابع في هذا المجال.
    إنّ هذه البنود  جميعاً تتضافر مضامينها معاً فتتجسد قيماً تربوية تعليميّة تعلّميّة. فالنظرة للغة على أنّها وعاء للفكر وناقلة لتجارب البشر عبر العصور، مخترقة البعدين الزماني والمكاني، لا شك أنّه من القيم التربوية، وكذلك المتعلّم محور العمليّة التربوية. مثل هذا يقال عن اعتماد الفصحى، والنظرة إلى وحدة اللغة والتركيز على الجانب الوظيفي...إلخ. لكن يبقى أن نكشف عن مدى تمثل هذا كلّه والالتزام به. وإنّنا نرى أنّهم قصروا في تحري الفصيح وتجنب الخطأ وليس أدل على ذلك من كثرة الملاحظات التي أبداها غير لغوي في الدراسات التي ذكرناها. كما أنّنا نرى أنّهم، وتحت دعوى الوظيفة، أسَفُّوا حتى ارتضوا إثبات جملٍ وعبارات عاميّة من غير وضعها بين قوسين من مثل: " خزاة العين عن هالجحش مش ناقصو إلا يحكي." [القراءة للصف السابع: ص: 188] وغيرها. وحاولوا تبرير ذلك بقول للجاحظ([8])عن سرد النكات واللطائف شفوياً، إذا سمعها المرء بالعاميّة، فنصحه ألا يعرب الكلام، وكذلك قال إذا سمعت شيئاً معرباً فصيحاً فلا تَرْوِهِ إلا معرباً فصيحاً وقد جانبوا الأمانة العلميّة، حيث أثبتوا  كلاماً اجتزأوه من سياق كلام الجاحظ: مع أنّه صدّر ذلك المبحث بقوله: " وكما لا ينبغي أن يكون اللفظ عاميّاً، وساقطاً سوقيّاً كذلك لا ينبغي أن يكون غريباً وحشيّاً." ([9]) وفي حال إثبات العامي مكتوباً يجب عند ذلك وضعه بين قوسين. لكن معدي المحتوى يرون أنّ العاميّة من المستويات اللغوية. وقد كشفوا عن ذلك في أحد الأهداف التي أثبتوها في [الدليل التربوي للصف السابع ص: 153] حيث قالوا:
    _"... التمييز بين الفصحى والعاميّة، وإدراك مفهوم المستوى اللغوي للكلام". لكن واقع الأمر أنّهم يعتبرون العاميّة إحدى مستويات العربية المكتوبة. وهذا خطير جداً، وتخلٍ عن قيمة تربوية يجب تمثُّلها والإمساك بها.
    _ أمّا قيمة تنمية الميل للتعلّم الذاتي، وحثّ المتعلّم على الاكتشاف ثم الابتكار فإننا نجد عناوين كثيرة ونشاطات متعدّدة منتشرة في كتاب القراءة. وأثبتوا قوائم كتب للمطالعة ومشروعات لعمل فريقي. [ راجع كتاب القراءة للصف السابع: ص: 131 – 161، 176 - 185] و[ الدليل التربوي للصف الرابع: ص: 27-35].
   _ أمّا ما يتصل بتنمية قدراته الشخصية وخاصة في مجال تنمية الحسّ النقدي ومن غير انحياز، كما يريدون، فإننا نرى أن مجرد التنمية هذه قد لا تقع تحت أيّ قيمة، بل قد تكون نقيصة. فهذا النوع من القيم لا يمكن أن يكون أحاديّاً مستقلاً، بل هو مرتبط بمنظومة قيمية شاملة. فأي شخصيّة نريد أن ننمي ونبني؟ وأيّ حس نقدي نحرص على بنائه؟ ووفق أي معايير؟؟ ولماذا عدم الانحياز؟؟ وفي هذا المجال لم نجد حرصاً على تبني أيِّ منظومة قيمية، ترتبط بمرجعيّة فكريّة وبمنظومة عقدية  ونرى أيضاً أنّ ما ورد في [ الدليل التربوي للصف الرابع ص: 24] عن العمل الفريقي من مثل: حب العمل، والتعاون والعطاء، وتنظيم العمل وفق خطوات معينة يحتاج بحد ذاته إلى قيم ضابطة. فماذا يعني قولهم: قبول الآخر كما هو من غير تفريق أو تمييز؟؟؟!! وما قيمة ما عندي، إذا قبلت ما عنده كما هو؟!
    _ أمّا المنهجيّة المتبعة في تأليف كتاب القراءة والمعروضة في [ الدليل التربوي للصف السالع: ص: 8] وفي مقدمة [كتاب القراءة العربية للصف الرابع: ص:7] فيمكن تلخيصها بالآتي:
1-  اعتماد المحور، وفي كل محور أربعة دروس، وله أربعة أسابيع. وفي كل محور نصان نثريان للدراسة والتحليل، ويكون أحدهما تواصلياً والآخر إبداعياً. والنص الثالث شعري، أما الرابع فنص رديف.
2-    يبدأ المحور بمدخل عام وهو عبارة عن صور أو رسوم، ومحادثة تمهيدية عنها وعن موضوع المحور.
3-    وهناك ما أسموه القراءة الأولى، وإما أن تكون صامتة من قبل التلامذة أو جهرية من قبل الأستاذ.
4-  ثم القراءة الثانية، حيث يتم فهم النص فهماً مجملاً ثم مفصلاً وتحديد الفكرة العامة والفكرة الرئيسة والأفكار الثانوية.
5-  ويتم بعد ذلك شرح النص وتحليله عبر: شرح المفردات والتعابير  وَمعالجة المعاني والدلالات وَدراسة التراكيب والصيغ في بنيتها الصرفية والنحوية.
6-  _ الوقوف على اللافت من الصور والمحسنات والإيقاع – وصولاً إلى اكتشاف بناء النص وترابط أجزائه- وأخيراً التحليق في فضاء أوسع من فضاء النص وأبعد منه.
وهذه المنهجية هي عبارة عن خطوات آليّة، لا تحمل بحدّ ذاتها ما يمكن أن يعدّ من النقائص أو تخليّاً عن قيم تربوية، لكن مضمون كل خطوة وما تحمله من مفاهيم وأفكار هو ما يمكن إصدار حكم عليه من حيث قيمُه أو نقائصُه. وهذا ما ستكشف عنه نتائج استقرائنا.
_ ولأننا لن نستقري كتاب القواعد للصفين الرابع والسابع من مرحلة التعليم الأساسي، ذلك أنّ نصوص القواعد هي نفسها نصوص القراءة، فسوف نتوقف عند منهجية تأليف كتاب القواعد، لأنّنا نَعدّ سلامة المنهجية في تدريس القواعد من أهمّ القيم التربوية في هذا المجال.
    وقد جاء في مقدمة كتاب القواعد فيما يتعلق بمبادىء تعليم القواعد ما يأتي([10]):
1- تعلّم القواعد في الحلقة الأولى بالسماع والملاحظة والمحاكاة.
 2- بدءاً بالحلقة الثانية، أي من الصف الرابع، يتم تبويب المسائل النحوية والصرفية في وحدات متجانسة.
3- الإعادة والإضافة المتدرجة بحسب السنوات.
4- التمرس بالقواعد التطبيقية العملية محاكاة وتحويلاً وتوظيفاً في التعبير.
5- الانطلاق من نصوص كتاب القراءة.
6- تذكير سريع بما سبق من دروس.
7- اعتماد طريقة الاستقراء بالملاحظة المتدرجة ليستنتج المتعلمون القاعدة بأنفسهم.
8- جمع القواعد التي تَوصَّل إليها المتعلمون في خلاصة تسهيلاً لحفظها.
وبالعودة إلى الكتاب وجدنا أنهم لم يلتزموا تماماً بما قالوا. فالمسائل النحوية لم تبوب في وحدات متجانسة. فلا نرى عنواناً مثلاً للنفي تجتمع تحته حالات النفي، أو للتأكيد فتُعرضُ المؤكدات، أو الاستفهام أو الاستثناء...إلخ.  
_ ولم يلتفتوا لعلاقة الصرف بالنحو، وأن علم الصرف مقدم عليه، فتراهم يعرضون درس المضارع المجزوم أولاً ثم يتبعونه بدرس الصحيح والمعتل. ثم دفعوا بجدول تصريف الأفعال إلى آخر الكتاب. والأصل أن تلاحظ علاقة العِلْمين ببعضهما وأن الصرف مقدم على النحو في الترتيب ليس لمجرد الترتيب، بل لضرورة بناء هذين العلمين في الدماغ.
_  ووجدنا أنّهم أهملوا كليّاً توظيف معنى المصطلح النحوي. فمصطلحات مثل: " ضمير رفع متحرك" أو" فعل ماضٍ ناقص " أو "للثقل " أو" للتعذر" لا بد من فهم معناها تماماً لتتوضح الوظيفة النحوية أولاً ولتساهم في تحصيل المسائل النحوية المتصلة بها، فالنحو العربي نحوّ وظيفيّ يرتبط المصطلح ومعناه بوظيفته.
_ وقد نسوا أنّ النحو العربي يعتمد على منهج علمي ينسجم معَ البناء العقلي، ألا وهو المنهج الوصفي التحليلي. فلا بدّ أن نأخذ بيد المتعلّم ليلاحظ الفعل الماضي مثلاً: فيسمع الحرف الأخير منه مع الحركة الظاهرة عليه، ثمّ يحلل سبب وجودها. وإن كانت مقدرة فلا بدّ أن يقف على السبب، وخاصة في مثل حالات بناء الماضي على السكون أو الواو.
_ وكذلك لم يستندوا إلى ركن من أركان علم النحو، والذي نرى أن بناء هذا العلم في الأذهان لا يصح بدونه، عنيت به- نظرية العلة أو العامل التي يقوم عليها علم النحو. ومما قاله ابن العربي([11]) " والذي يجب على الولي أي الصبي المسلم كان أباً أو وصيّاً أو حاضناً أو الإمامَ، إذا عقل أن يلقِّنه الإيمان، ويعلِّمه الكتابة والحساب ويحفظه أشعار العرب العاربة، ويعرفه العوامل في الإعراب." ([12])  
أما في الإملاء:  فإنّ القيمة التربويّة الأساسية هي في مضمون النص. ولما كان النص مأخوذاً من نصوص القراءة فإنّ ما فيه من قيم سيَتِمُّ التعليق عليه من خلال نصوص القراءة. والقيم الأخرى المتمثلة في مبادىء تعليم الإملاء، وقوامها الاستجابة لخصائص الخط العربي ونظام الكتابة، وأنّ العربية لغةٌ هجائيةٌ ولكلّ صوت فيها صورة نرمز إليه بها. فإنّ ذلك حاضرٌ في تعليم الإملاء. والطريقة المعتمدة هي نفسها الطريقة المعتمدة في القواعد، وخطوات الدرس هي نفسها أيضاً.
أما في التعبير:  فرغم كل ما قيل عن التجديد في المنهجية الجديدة فإن الصورة التقليدية للتعبير الشفوي المتمثلة بالمحادثة، وللتعبير الكتابي المتمثلة بالموضوع الإنشائي ظلّت حاضرة وبقوة. وقد جانب معدّو المحتوى الشائعَ من أسس التعبير النفسية والتربوية واللغوية ([13]). فاختيار المتعلّم للموضوعات يكاد يكون غائباً. والصورة السائدة للاختيار أن يُعطى المتعلِّم موضوعين ليختار أحدهما. أنظر [كتاب القراءة للصف السابع: ص: 23] أو أن يُطلب منه أن يختار مهنة ويكتب عنها، لكن القيود تعود لتكبِّل يدي المتعلّم ورغباته فيقولون له: المهنة مهدّدة بالزوال. واكتب على طريقة فؤاد سليمان. ودعِّم المقالة بالصور....إلخ. [القراءة العربية للصف السابع: ص:32]. والمتعلّم ينشط في التعبير إذا كتب بحريّة عن شيء له علم سابق به. ويزداد نشاطه إذا كان يحبّه ثم تراه يحلّق ويُبْدع إذا شجّعناه وحرّكنا دوافعه بحوافزَ مناسبة، وعرضنا عليه نماذج يحاكيها ويقلّدها في البداية، ثم يطوِّرها فيما بعد. وخلال تتبّعنا الاستقرائي للمحتوى في الصفين الرابع والسابع لم نجد لجنة التأليف قد تمثّلت هذه الأسس، كما أنّها لم تلتزم تلك المعايير رغم الإشارة إليها في مقدمة الكتاب وفي الدليل التربوي مراراً. ومن الأمور التي نعدّها قيماً تربوية اتصال النشاط التربوي بالحياة. وقد ساهم ما أطلقوا عليه مصطلح:[ بطاقة " تقنية "([14])] في آخر كل محور في تدعيم هذه القيمة. وهذه البطاقات كالبحث:
اختصار نص – إجراء مقابلة – تدوين رؤوس الأقلام – ممارسة الترسّل – خطوات الوصف بنوعية – السرد البسيط والسرد المركّب – ملء بيان مطالعة. لكن الوقت المخصص لمنهاج مادة اللغة العربية لا يمكِّن المعلم أن يأخذ بيد متعلميه ليتعرفوا على هذه الموضوعات ثم ليمارسوها ليمتلكوا فيها المهارة المطلوبة، وتتحقق لديهم الكفاية فيها. فكل ما أعطي للغة العربية في الصف السابع لا يتجاوز سنوياًَ ( 180) حصة دراسيّة كحدٍّ أقصى. والحصة خمسون دقيقة فيكون المطلوب من المتعلم أن يتقن المهارات المتعلقة بالقراءة والتحليل والتذوّق والتعبير بنوعية الشفوي والكتابي والقواعد صرفاً ونحواً وإملاء في مائة وخمسين ساعة. ولو اعتبرنا أنّ النشاط التعلميّ لهؤلاء التلامذة  ثماني ساعات يومياً من أصل أربع وعشرين ساعة، فيكون المطلوب منه أن يحصِّل هذا الكم الضخم من المعارف والمهارات في خلال تسعة عشر يوماً([15]). فهل التلامذة عباقرة؟ أم هل الذين يقفون خلف هذا النظام التربوي عامة، وخلف منهاج اللغة العربية خاصة، ظالمون؟ وما موقفهم من العربية وما تحمله من ثقافة وفكر وقيم؟؟!! وهذا لعمري نسفٌ لقيمة أساسية من القيم التربوية، عَنَيْتُ مناسبة الوقت لموضوع التعلّم من جهة ولقدرة المتعلِّم من جهة أخرى. فكيف إذا اجتمع إلى عدم المناسبة هذه، مجانبة أسس تربوية والقفز فوق معايير لغوية وإهمال حالة المتعلِّم النفسية؟ فماذا يبقى من التربية؟ وكيف ستأتي نتائج العمليّة التعليميّة التعلّمية؟!!


مدى حضور ثقافة الأمة وتراثها في المحتوى:
    إن ضرورة حضور الأمّة في نصوص المحتوى أمر متفق عليه عند التربويين ولا اختلاف فيه ([16]). وهو إذاً من القيم التربوية التي ينبغي أن يتمثلها معدّو محتوى أيّ منهاج لغوي. فهل نجد ذلك متحققاً في محتوى مناهج اللغة العربية؟! وللإجابة عن هذا السؤال استقرينا أولاً عناوين النصوص، وأسماء المؤلفين، بما يتضمن الاسم من دلالات.
عنوان النص
المؤلف
عنوان النص
المؤلف
1- من المدينة إلى الريف
أحمد امين
12- نداء الأرض
خليل تقي الدين
2- البيت اللبناني
لحد خاطر
13- قصر الحمراء
مصطفى فروخ
3- المدينة والفجر
سلمى خضر الجيوسي
14- في طائرة
عمر أبو ريشة
4-البلابل الحمراء
فؤاد سليمان
15- وادي الدلب
جورج غانم
5- الحرية والفنون الجميلة
عباس محمود العقاد
16- المحميات الطبيعية
مجلة البيئة والتنمية
6- من مذكرات قبيح
الياس زغيب
17- الماء والحياة
فؤاد صروف
7- الأدب والسينما
توفيق الحكيم
18- صوت الشجرة
فؤاد الخشن
8- معنى العيد
فؤاد سليمان
19- سيناريو شمسي لطاقة الغد
مجلة العربي
9- عشية رأس السنة
أمين الريحاني
20- رسالة من جبران إلى مي
جبران خليل جبران
10- عيد الجهاد
بشارة الخوري
21- رسالة من مارون عبود إلى رئيس الجمهورية
مارون عبود
11- صلاة إلى العام الجديد
فدوى طوفان
22- من خمس رسائل إلى أمي
نزار قباني
12- الإعلان العالمي حول التربية للجميع
اليونسكو
23- البدوية الرائعة
إملي نصر الله
13- لبنان
يوسف غضوب
24- لوحات كاريكاتورية
ابن الرومي
14- إما أن يموت الحمار وإما أن يموت الملك
سلام الراسي
25-النغم التائه
صلاح لبكي
15- الوطن
أحمد شوقي
26- الحمامة والثعلب ومالك الحزين
ابن المقفع([17])
    وكما ترى فليس في العناوين ما يوحي بالانتماء إلى الأمة العربية الإسلامية. بل تقع على تمجيد لبنان وامتداح الحضارات السابقة " الفنيقية _ الرومانية " [كتاب القراءة للصف السابع: ص: 48 وص: 193] فالمتعلم وعبر نصوص الكتاب كلّها لا يتعلَّم شيئاً عن أمّته، إن من حيث البعد التاريخي، أو من حيث البعد الجغرافي. كما أن المحتوى لا يعرض ثقافة الأمة، ولا يرعى النمو الديني في مجاله الواسع. وهناك إشارات إيمانية جاءت مضطربة ومشوهة [القراءة العربية الصف السابع: " ولم يسكب إله اللهو ذوب جنونه فيها " ص: 25 واسم الله في شفاهنا لعنةٌ وسُبَّة: ص: 66].كما ليس من بين الأسماء من يوحي بمكانة ثقافة الأمة الإسلامية، أو انتمائه إليها إلا: أحمد أمين، وعباس محمود العقاد، عمر أبو ريشة، أحمد شوقي. لكن الخبث التربوي، والكيد لهُوية الأمة وتاريخها، جعل معدِّي المحتوى يختارون لأحمد أمين نصّاً عن المدينة والريف، ولعباس محمود العقاد نصاً: عن الفنون الجميلة، ولأحمد شوقي قصة عن عصفورتين حجازيتين، تمر بهما ريح تدعوهما إلى اليمن الخضراء فترفضان قائلتين: لا شيء يعدل الوطن. فما معنى الوطن إن فُصل عن تراث أهله وثقافتهم وتاريخهم؟!!
    واللافت أن نصاً لمصطفى فروخ عن ( قصر الحمراء) [ كتاب القراءة للصف السابع ص: 91] ورد فيه: " ....عن قوم مضوا بعد أن خلفوا آثاراً نادرة، يَحَارُ بها الفكر، ويعتز بها الزمان، بلى هنا تمثّل بجلاء تاريخ العرب اللامع ومدنيتهم الزاهرة في الأندلس... أرى كثيراً من السائحين والسائحات مأخوذين، شاخصةً أبصارهم إلى هذا الفن، فأشعر بتلك اللذة المعنوية الغريبة وأكبر في عين نفسي". لكن كأنّ هذه الكلمات غير موجودة في النصّ ولا دلالة لها، ولا تستحق أن يُسأل عن مضمونها سؤال واحد. فهل هذا جهل؟ أم هل هذا تجاهل؟ بل هو كيدٌ ونكران للأمّة وتاريخها وثقافتها. ولقد كان من الممكن بل من المطلوب تربوياً أن تُثار عدّة أسئلة عن مضمون هذه الفقرة.
    وهناك أمر يضيق صدري به، ومع اعتزازنا بتاريخنا في الأندلس، فإنني أسال لماذا لم نر في الكتاب نصّاً له علاقة بتاريخ الأمّة وثقافتها إلا كان عن الأندلس؟! فإلى جانب هذا النص عن قصر الحمراء، هناك نص شعري لعمر أبي ريشة[ كتاب القراءة للصف السابع: ص: 96] عن حسناء أندلسية التقى بها في الطائرة. فسألها من أين أنت؟  ورد بلسانها من [ البحر الرمل]:
وأجـابـت أنا مـن أندلسٍ
جنـة الدنيـا سهولاً وجبـالاً
هؤلاء الصِّيدُ قومي فانتسب  
إن تجدْ أكرم من قومي رجالا
فهل في ذلك سعي لقبول مقولة أُفولِ الثقافة الإسلامية العربية أم هل في ذلك إشاعة استحضار معاني الهزيمة؟!.
    أمّا كتاب القراءة للصف الرابع فنصوصه جاءت أبعد من نصوص كتاب السابع عن تراث الأمة وعن منظومتها العقدية والفكريّة، وعن ثقافتها. ذلك أنّ لجنة التأليف لها من سبعةٍ وعشرين نصاً اثنا عشر. ولها أيضاً أربعة نصوص رديفة. والظاهر أنّ النصوص المختارة لمؤلفين متنوعي الانتماء والثقافة، والاهتمام، والاختصاص...إلخ. تأتي أقل بعداً عن تراث الأمة. ويبدو ذلك واضحاً في نصوص الأول أساسي حيث النصوص النثرية كلُّها من تأليف لجنة التأليف، فإننا كما عرفت، لم نجد في كتاب القراءة اسم الله تعالى مرة واحدة. وليس فيه أيُّ إشارة إلى أي مفهوم إيماني. وليس في النصوص والنشاطات المصاحبة في محتوى المنهج للصفوف الثلاثة الأول والرابع والسابع أيُّ بعد عربي أو أيُّ بعد تراثي يمت إلى العرب بصلة، باستثناء نصين: أحدهما عن قصر الحمراء والآخر لنزار قباني عن فتاة إسبانية، وقد علقت عليهما.

أولاً _القيم المتصلة بالمنظومة العقدية والتعبّدية:
_ إنّ أبرز القيم المتصلة بالمنظومة العقدية بعد الاعتقاد بوجوب وجود الله، هي الإيمان بقدرته المطلقة، وأنّه هو الخالق، وبيده كلُّ شيء. فكيف تمثَّل محتوى منهج اللغة العربية في الصفين الرابع والسابع هذه القيم؟
أ- في الصف الرابع أساسي:
_ إنّ الدرس الأول في الصف الرابع عن ( مغارة جعيتا ) كان من الممكن أن يكون ميداناً رحباً للقيم المتعلقة بقدرة الله في خلقه. ولكن للأسف ليس هناك أيُّ عبارة أو كلمة تشير فيه إلى ذلك. بل على العكس، فقد أشاروا إلى ما أبدعته يد الإنسان بالاضاءة الكهربائية لإبراز ما أبدعته الطبيعة ونحتته. " ... فأبدعت الطبيعة أشباه بشر، أو حيوان، أو نبات... يطوف بنا الزورق على جمال.... أبرزته بأروع حُلله يدُ الإنسان..." [ القراءة العربية – الرابع أساسي: ص: 14]. ثم جاءت النشاطات لتؤكد هذا التوجّه الإلحادي، فهناك سؤال خبيث. هل مغارة جعيتا هي من صنع الإنسان أم من صنع الطبيعة؟ ما دور الإنسان فيها, ودور الطبيعة؟ ثم في نشاط آخر بعده نجد: أصف لوحة أبدعتها يد الخالق.[دفتر التمارين التابع للقراءة – الرابع أساسي: ص: 6] جاء هذا تحت عنوان (التعبير الشفوي ) وهل تراه ينفع بعده نشاطٌ " في التعبير الكتابي " حيث يطلب من المتعلّم أن يصف مغارة جعيتا مستخدماً كلمات وعبارات محدّدة أولّها " سبحان الله ".؟؟ أين الانسجام في الأفكار والمفاهيم؟! بل أين تمثُّلُ الأساس التربوي القائل بوجوب اعتماد التعبير الكتابي على التعبير الشفوي؟! إن هذا الاضطراب والتأرجح بين الإلحاد والإشارة إلى قدرة الله تعالى، تراه أيضاً من خلال أهداف الدرس الواردة في [ الدليل التربوي: ص:28] فترى قولهم: يهدف النص إلى:
1- جعل المتعلمين يدركون عظمة الله المتجليّة في غرائب الطبيعة.
ويدركون عظمة مغارة جعيتا هذه المعجزة الطبيعية النادرة. وكأنّ الدليل وُضِعَ بعد إتمام تأليف كتاب القراءة!!
ولولا أني رأيت أسماء المؤلفين أنفسهم على الغلاف الداخلي لكلّ من كتاب القراءة والدليل التربوي لقلت: إن من ألّفَ كتاب القراءة لا علاقة له بالدليل وما جاء فيه من أهداف، خاصّة في بعض الدروس، وتستمر النصوص في إسناد المعجزات والخيرات إلى الطبيعة، من غير نقاشها أو دفعها من خلال الحوار والمحادثة في النشاطات المصاحبة لها، رغم تصدير بعض الجمل بعبارات: يا الله!! (للتعجب) فتقع على عبارات منها:
_ يا الله! ما أروع هذا المشهد كلُّ ما حولنا لمسته يدٌّ  سحرية فصار يميل إلى الاحمرار [ القراءة العربية: ص: 21]. ثم يوظف عبارة: " يا الله " الواردة في النص على أنّها للتعجّب فيطلب من المتعلمين أن يكَّملوا:
_ إذا تعجبتُ من عظمة الخالق أقول : ................[ دفتر التمارين: ص: 13].
     وفي أحد نصوص [ القراءة العربية: ص: 60] يقول النهر: لك مني الضفاف، والماء والسّمك. والبحر يقول: عندي للناس ثروات وثروات، وأسرار وأخبار، ومتن للإبحار. والله عزّ وجلّ يقول﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾[ سورة يونس: 10/ 22] ﴿وهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾[ سورة النحل: 16/ 14].
    وفي نشاطات نصٍّ آخر عنوانه: توبة هر نجد في [ دفتر التمارين: ص:42] سقط في البحر من سفينة نوح ثلاث إناث، حيوانات... وكأنّ نوح عليه السلام شخص عادي من دون أيّ إشارة إلى أنّه عليه السلام نبيٌّ مرسل.

ولنا أن نسأل لماذا أوردوا هذا النشاط في درس توبة هر الخرافية؟ أليس في ذلك إيحاءٌ أنّ قصة سفينة سيدنا نوحٌ من هذا الفنّ الخرافي؟؟ وهي حقيقة قرآنيّة عند المسلمين ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ [ سورة المؤمنون: 23/27].
     وتتعدّد صور العبارات الموحية بذاتية الخلق، وتلقائية العيش، وكأنّ العالم مخلوق بذاته، والإنسان يعيش مختاراً. (( إننا نقوم بشيء على الأرض يستحيل علينا في الكواكب الأخرى، هو العيش...)) [ القراءة – الصف الرابع: ص:55] ويبني بقدرته، وكأنّه هو الذي خلق مواد البناء ووسائله. فيقول الشاعر: إبراهيم برّي[ من البسيط] [ القراءة الصف الرابع:ص:77]:
أَحْنَتْ عليها يـد الإبداع ترسمهـا
  بريشةٍ ما انضوت في كـف فنّان
أهلي بَنَوْها... أقاموا صرح عزّتها
على الإباء...تسامـت قدرة الباني
والله تعالى يقول﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [ الصّافات: 37/96] فقدرة أهل الشاعر الذين بنوا قريته تتسامى. وكان الموقف التربوي يستدعي حواراً ليصل المعلم بمتعلِّميه إلى المفهوم الإيماني الذي مفاده أنّ الإنسان يتصرف فيما خلقه الله تعالى. فكيف يبني الإنسان إذا كان الحجر غير قابل للكسر أو للنحت أو لا يصلح مادة بناء؟!
   وإذا ورد في نصّ عبارة تقع تحت عنوان من عناوين الإيمان فعبثاً تحاول الوقوف على نشاط يوظفونها فيه. ومن أمثلة ذلك قول أحد أعضاء لجنة التأليف [ في كتاب القراءة- الصف الرابع: ص: 24]من [ مجزوء الرجز] على لسان الأم:
قم يا حبيبي يا بُنَي
يا نعمةَ الله عليْ
فليس هناك أيُّ سؤال عن معنى هذا البيت. أو عن أيّ شيء له علاقة بنِعم الله تعالى.
هذه صورة القيم التي لها علاقة بالمنظومة العقدية. أمّا في الجانب التعبدي فلم نقع على موقف واحدٍ، فضلاً عن أي قيمة لها علاقة بمفهوم التعبّد لله تعالى أعمالاً أو أقوالاً أو مشاعر ونوايا.
ب- في الصف السابع أساسي:
إن ما وقعنا عليه من ملاحظات في مجال القيم ذات العلاقة بالعقيدة وبالتعبّد، في كتاب القراءة، للصف السابع أساسي، لا تُنْبِىء عن اختلاف الصورة التي رأيناها في كتاب القراءة للصف الرابع. بالرغم من اختلاف أعضاء لجنة التأليف وهم في السابع: ( انطوان طعمة، جوزيف أبو شقرا، عدنان حرفوش، فيصل المطر).
وسنعرض بعضاً مما وقعنا عليه. فنحن استقرينا الكتاب كلّه ولكن الخط واضح، والمواقف متكررة فلا داعي لذكرها كلِّها وسنكتفي بالآتي:
1- ورد في النص الأول: من المدينة إلى الريف.
"...حتى عاطفة الدين، فهي أقوى ما تكون، وأطهر ما تكون، حينما تتجلّى الطّبيعة في ثوبها الفطري. فليس الإلحاد والزندقة والتعصّب الذميم، وضيق النظر إلا وليدَ الحضارةِ المعقّدة...وتأخذ بلبّه السماء في لانهائيتها، والبحار في أبديتها... ويشعر أنّه ذرّة من ذرّات العالم ونغمة من نغماته يوم يتصل به. [القراءة العربية – الصف السابع: ص: 15-16]. فنحن نرى في هذا النص أموراً لا تنسجم مع قيم منظومتنا العقدية، فلماذا هذا الإيحاء بأنّ الإيمان يضاد الحضارة؟ ولماذا الزندقة والتعصّب... في سلّة واحدة؟ فالتعصب للحق مطلوب. وتعصّب كلِّ صاحب فكر لفكرة أمر طبيعي. وما دلالة اللانهائية؟ ومن أخبر أنّ البحار أبديّة؟ ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾[ الأنبياء: 21/104]. ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ﴾[الانفطار: 82/3].
فالعالم إلى زوال وفناء، وهناك حياة أخرى في عالم آخر.
2- في النص الثالث من المحور نفسه في [ كتاب القراءة ص: 25] ايضاً فيه صور إيمانيّة كالصراع بين الخير والشر وأنّ الخير سينتصر:
" لكلّ مدينة في الكون قلبٌ مؤمنٌ شاعر
فلو جُنَّت أمانيها
ولو عصفت مساويها
ولو شبت رياح الكفر ناراً في مآقيها
فعند الفجر تلقاها
وعين الله ترعاها..."
وفي مقطع سابق تَعرِضُ صولة من  صولات الشر في المدينة، وتصوّرها بما لا يليق ولا ينسجم مع أعمار المتعلمين في هذا الصف: ثلاث عشرة سنة. فتقول:   ولو سالت دنان الخمر رحباً في سواقيها.
        ....وكأن الليل لم يرقص على مصباحها الساكر.
        ولم يسكب إله اللهو ذوب جنونه فيها.
فمع الشّحنة الإيمانية العامة في القصيدة، إلا أنّها لم تُوظَّف، واتجه معدّو المحتوى إلى إبراز صورة المدينة الشائعة عند الناس وكيف رأت الشاعرة وجهها الآخر. فليس هناك أيُّ سؤال، أو نشاط له علاقة بالإيمان أو بنقد السلوك السلبي: ( خمور، رقص، لهو...) بل تقدر الشاعرة أنّ عين الله تعالى ترعى المدينة التي تشب فيها رياح الكفر...و.... والله عز وجل يقول: ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ﴾[ المؤمنون: 23/64]. ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِين ﴾[ الأنعام: 6/147].
3-عالم الفن يضيء في حياة الناس عتمات كثيرة ويُنْقِذُ من دوامة العبث الفارغ. [ كتاب القراءة- الصف السابع: ص:45]. واللافت أنّ هذا المفهوم قد وظّفه معدّو المحتوى وخصّصوا له سؤالاً في النشاطات. بينما تمرّ المفاهيم الإيمانية التي تحملها يعض العبارات فيديرون لها ظهورهم، وكأنّها ليست موجودة في النص.
4- دعوة إلى التفلت وعدم مراقبة الذات أو محاسبتها، وبالتالي إلى العبثية:"إنّ معرفتك بما تفعل تعطِّل فعلَكَ" [كتاب القراءة – الصف السابع:ص:57]. ومن قيمنا العقدية أن الجزاء مرتبطٌ بالعمل والنيّة ﴿ فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ولا تُجْزَوْنَ إِلاّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [ يس: 36/54]. وقوله صلى الله عليه وسلم( إنما الأعمال بالنيات)
5- وهناك نقائص كثيرة وردت في النصوص أو في النشاطات التابعة لها سأكتفي بالإشارة إليها بعد أن تأكد لنا أن ليس في الكتاب قيم متصلة بالمنظومة العقدية، بل نقائص. ومنها:
_ الله عزّ وجلّ يخلق المادة الأولية فيكمل الإنسان صورتها الجميلة " الله صاغ ولكن يكمل البشر" [القراءة: ص: 50].
_ وينحر على اسمها، أي الأعياد، الضحايا المسكينة من خروف مسمن. تهرق فيها الخمور على الموائد كاساتٍ كاساتٍ. تعمر فيها بيوت الغناء وموائد الميسر... وتقفر فيها بيوت الله. فخيرٌ لنا أن ننسى الله من أن نجعل من مواسم الله مواسم للمساخر.[كتاب القراءة: ص: 65] فالكاتب يريد أن ينكر على الناس سلوكهم في الأعياد. لكنّه لم يفرق بين الحلال والحرام فالأضحية عنده حرام. كما أنّه لم يشر إلى سلوك آخرين لا يشربون ولا يقامرون، فجاء عرضه أحادياً، كما أنّه لم يقدِّم حلاً. فنحن مأمورون بالدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
_ يَرِدُ اسم الرسول صلى الله عليه وسلم، في النصوص كغيره من الأسماء، بدون صلاة عليه. وكذلك اسم سيدنا عيسى عليه السلام [ القراءة: ص: 65].
_ وبدلاً من إبراز مفهوم الإيمان استخدموا مصطلح: آفاقٍ فضلى. وذلك  في سؤال: ما تفترض أن يفعل الإنسان لكي تكون أعياده منطلقاتٍ إلى آفاقٍ فضلى؟ [القراءة: ص: 68]
_ عبادة الوطن، والموت في هواه [ القراءة: ص: 76] وذلك في قول الشاعر بشارة الخوري من [البحر الخفيف]
نحـن لا نحسب الحياة حيـاة
أو نفدّي أوطاننا المعبودة
لن نراها إن لم نمت في هواها
أمـة حرّة ودنيـا جديدة
_ تمجيد الحب والدهر في قصيدة ( صلاة إلى العام الجديد) [ القراءة: ص: 79].
 أَعْطِنا حُبّا فنبني العالم المنهار فينا من جديد.
_ أوردوا قصة ولدي سيدنا آدم عليه السلام في محور ( أساطير وأمثال خرافية) [ القراءة: ص: 195] وهي حقيقة قرآنية ثابتة﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [ المائدة: 5/27].
_ قال رجل الدين: إن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان على صورته ومثاله، ولم يخلق الجحش على صورته ومثاله وها هو الحمار يردُّ إليّ التحيّة بمثلها.[القراءة:ص:189].وأرى أن العبارة تحمل من تهكُّم وسخرية موقفاً من سلوك إسلامي اجتماعي يتمثل في قوله تعالى﴿وََإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا ﴾ [ النساء: 4/86].
_ تفضيل الوطن على جنة الخلد[ القراءة: ص: 200] في قول الشاعر أحمد شوقي من [ مجزوء  الرجز]:
هب جنة الخلد اليمن
لا شيء يعدل الوطن
هذه هي خلاصة استقرائنا الكتابين في مجال القيم المتصلة بالمنظومة العقدية والتعبديّة فليس فيها إلا نقائص. وما ورد من عبارات عن الإيمان، جاء مشوشاً مُربكاً لا يقوم على ساق. والدعوة إلى الإيمان جاءت عالة على الطبيعة المخلوقة وتمجيدها بدلاً من تمجيد خالقها. ورأوا أنّها الحل للقلق الوجداني المتصاعد[ القراءة:ص: 166].
ثانياً - القيم الاجتماعية:
    إن القيم الاجتماعية، وغيرها من القيم، تعد فروعاً لقيم المنظومة العقدية، التي تشكل الجذر والجذع الأساسي. وإن أيّ خللٍ في هذه الأخيرة، سينتج عنه خللٌ في تلك القيم الاجتماعية كلِّها. وقد رأينا واقع قيم المنظومة العقدية في محتوى مادة اللغة العربية للصفين الرابع والسابع أساسي.
   وكان من الممكن أن تصدر بناءً عليها، على واقع القيم الاجتماعية فيها. إلا أنّنا سنهتم بالبحث عن صورة الممارسات الاجتماعية، متوقفين عند دلالاتها، وارتباطها بأعراف أصيلة، أو طارئة وافدة، محاولين الوقوف على سمات المجتمع الذي يستهدفه محتوى المناهج. فالتربية ما لم تبنِ لمجتمع تكون عبثاً، أو قاصرة. فكيف تبدو صورة ذلك المجتمع المستهدف؟؟ وما القيم التي يرتكز إليها في محتوى منهج اللغة العربية في الصفين الرابع والسابع من التعليم الأساسي؟؟
أولاً: في الصفين الرابع والسابع: من خلال كتاب القراءة ومن خلال الدليل التربوي المصاحب ومن خلال دفتر التمارين للصف الرابع، سنعرض ما وقفنا عليه من قيم أو من نقائص، ثم نبدي موقفنا في كل مجموعة منها، حيث تدعو الحاجة، وقد نؤجّل ذلك إلى ما بعد نهاية عرض ما وقعنا عليه في محتوى الصفين معاً.
وهذا أبرز ما سجلّناه في عمليّة استقرائنا محتوى منهاج اللغة العربية للصفين:
أ- النظرة إلى الغنى والمال وكيفية تجاوز الفقر:
" ليتني ولدت غنيّاً" [ القراءة ص: 17] " الفقر والحرمان والحاجة أساس الأحلام والطموحات" [الدليل التربوي: ص: 31] ولكن ما السلوك الذي نتج عن رفض الفقر وتمني الغنى؟ وما السلوك الذي أملته الأحلام والطموحات؟ وما الحلّ لمشكلة الفقر؟
جاء الحلّ، وللأسف، في هذا الدرس عن طريق السحر، والخرافة أو الأسطورة " هناك مغارة مليئة بالكنوز... عليك أن تستلقي أمامها على جلد خروف..." [القراءة ص: 17] بدلاً من أن يهتم بأبقاره ومزرعته وينمي قطيعه ويوسع زراعته ويتعاون معَ أفراد أسرته...إلخ. أمّا في موضع آخر فالحل عن طريق العمل وإتقان المهن. جوع وظمأ لا يرحمنا، لا يسعفنا إلى العمل [ القراءة: ص: 122].
ب-  الموقف من التطور العلميّ والاختراعات، وخاصة الرجل الآلي:
1_ في محتوى منهاج الصف الرابع:
_" إنّه عامل المستقبل المثالي فهو مطيع، ولا يمرض، ولا يصاب بالعُصاب ولا يتعب" [ القراءة ص: 28].
_ أن يدرك المتعلم أن الإنسان مهما كان مستواه الفكري والاجتماعي فهو الأصل، وأهم من الآلة. [الدليل ص: 43].
_ ضرورة التكيف معَ الثقافة والحضارة التي يسهم فيها العلم في العصر الحديث [ الدليل ص: 43].
_ إدراك أهميّة العلماء، ودورهم في تطوير الحياة الإنسانية وصيانتها. [الدليل: ص: 116].
2- في محتوى منهاج الصف السابع:
أمّا في محتوى الصف السابع، فالصورة الأساسية في هذا الجانب هي قيمة أن يمتلك اللبناني بيتاً [القراءة ص: 20]. فقيمة المرء من قدر بيته، وجمال سمعته من جماله [ الدليل ص: 47] وإذا أحبّ اللبنانيّ لبنانياً كرّر له الدعاء ببناء بيت. ويتعاون اللبنانيون في بناء البيوت، فيما يسمونه " العونة " اليدوية أو المالية [ القراءة ص: 21].
_ أمّا طريقة حلّ مشكلة الفقر، فهي عن طريق الهجرة الموفقة، أو التجارة الرابحة، وممارسة الأعمال. [ القراءة ص: 21]
_ بارك الله القلوب الهادية والعقول البانية [ الدليل ص: 60].
_ دور الكتاب في نقل الفكر، وتقصير السينما عنه في هذا المجال [القراءة ص: 55].
_ أهميّة العلم في البحث عن طاقة نظيفة بديلة للنفط. " الطاقة الشمسية"[القراءة ص: 126].
إنّ المتأمّل فيما تقدّم، يقف على دور العلم والعلوم في تغيير صورة سلوك النّاس في حياتهم. لكنّه لا يلمح أيّ أساس من أسس بناء المجتمعات، فبالعلوم وحدها لا تبنى المجتمعات. والعلماء في سلوكهم وأبحاثهم ومخترعاتهم، يجب أن يحتكموا إلى معايير وقيم، وإلا تفلت العلم من عقال الإيمان والأخلاق، ونتج عنه، كما ترى في المجتمعات الغربية، ما لا تحمد عقباه.
وكأن معدّي المحتوى تنبّهوا متأخرين إلى ذلك، فأردفوا في دفتر التمارين هذا النشاط اليتيم: على رجال العلم أن يتمسّكوا بالأخلاق. فماذا يحصل لو تخلّوا عنها؟ [ دفتر التمارين: ص:30].أقول: [من الكامل].
  إنّي رأيتُ الكونَ يفقدُ دَربَهٌ       إذْ قـادَهُ عِلـمٌ تنكَّـرَ للسَّما
  فالعِلمُ عيـنٌ والتدينُ نورُه       فإذا خلا منْ نورِهِ كانَ العَمى
ج-   صورة الأسرة، والاختلاط والقيم الأخلاقية، العامة والشخصية.
1- في محتوى منهاج الصف الرابع أساسي:
_ الأسرة تسهر متحلقة حول التلفاز. الأم والأب، من مصادر المعرفة إلى جانب التلفاز [ القراءة ص:31].
_ بنت ترافق الصبيان في رحلة إلى المريخ [ القراءة ص: 21] .
_ تعاون الأسرة في التخلّص من الخلد في الحديقة [ التمارين ص: 34].
_ المروءة تعني المساعدة في ضيافة اللبنانيّ. تقدّم فتاة الشراب والقهوة والماء، وتهيىء أخرى النرجيلة، وكأنّهنّ في عرس أخٍ لهنّ. [ القراءة ص:73].
_ الأم تشكو من خدوش أحدثها القطّ وتطلب من ابنها أن يطرده من البيت فيرفض. [ القراءة ص: 50].
_ السهرة اللبنانيّة: طعام وشراب وموسيقى ورقص مشترك. " عقدت السلسلة تلك الليلة من الشباب والبنات وكانت على رأسها ربّة البيت تلوح بالمنديل، وخفت الأيدي والرؤوس، فأرسلت شقيقته صوتها الشجيّ ببيتٍ من العتابا وكان يباريها شابٌّ...." [ القراءة ص: 73].
_ وجه المعلمة مزيّنٌّ  بذوق، وشعرها مسرّح بلباقة. [ القراءة ص: 69].
_ ورد في الدليل التربوي : في الأهداف:
·        تمثل القيم الأخلاقية.
·        اكتشاف القيم المتعلقة بالعلاقات الاجتماعيّة[ الدليل ص: 90]
·        تقدير جوّ الأسرة اللبنانيّة [ الدليل ص: 88].
2- في محتوى منهاج الصف السابع أساسي:
_ أكثر ما تبرز صورة الأسرة، وما يتصل بها من اختلاط، وقيم أخلاقيّة في محور أعيادنا [القراءة ص: 93] ففي أحد دروسه: معنى العيد [القراءة ص: 94] يعرض صورة العيد،  وسلوك اللبناني في مواسم الأعياد. وينعى فيه الأخلاق. ومما ورد في هذا الدرس:
_ تهرق في الأعياد الخمور على الموائد... ويمتد الليل بالناس إلى طلوع الضوء... هنا مائدة شهية، وهناك خدٌّ وكأس وأعراس للأجساد. وهناك مأتم للأخلاق، تعمر البيوت بالراقصين، وتقفر بيوت الله. وفي درسٍ آخر: عشية رأس السنة [ القراءة ص:70]  امتداح لسلوك الناس فيها  ولتوحدهم، وإزالة الفوارق بينهم.
في هذه الليلة لا يذكر الإنسان شيئاً سوى أنّه حرٌّ سعيد. ولا شيء في الوجود يستحقّ أن يقف الإنسان تحته متهلّلاً إلا السماء بنجومها.
_ يخرج في هذه الليلة بنات المدينة وشبابها ورجالها ونساؤها.. نافخين في المزامير والأبواق... وكلُّهم في الإنسانيّة إخوان وأخوات.
_عرض صورة من صور الصداقة بين الجنسين من خلال صداقة، جبران ومي [ القراءة ص: 137].
_ إبراز العادات اللبنانيّة في ليلة العرس، وتمجيد القوّة وتقديمها على الصّفات الإنسانيّة الأخرى، حيث المطلوب من العريس أن يرفع " الجرن ". [ القراءة ص: 86]
_ إبراز العلاقة الحميمة بين الأم وابنها، في قصيدة لنزار قبّاني، يقارن فيها أمّه بنساء أوروبا والعالم[ القراءة ص: 150] وصورتها الأساسية أنّها ترعى أولادها صحيّاً وغذائيّاً... ولم يعرج على دورها في غرس القيم.
_ ركزوا على علاقة الفرد بالمجتمع، وأن رقيّ المجتمعات مرهون برقيّ الأفراد. [ الدليل ص: 130] لكنّهم لم يوظّفوا هذا الهدف، ولم نجد نشاطاً يعزّزه. كما توقفوا عند قيمة إتقان العمل والنجاح [ القراءة ص: 44].
    ولنا أن نسأل أيَّ قيم أخلاقيّة يريدون لأبنائنا أن يتمثلوها؟ وأيّ قيم يريدون منهم أن يكتشفوها؟ وهل هذه هي صورة الأسر كلّها في لبنان؟ فلعمري إنَّ ذلك نقائص وليس قيماً.
ومن حق أبنائنا أن يُنَشَّؤوا على قيم أسرهم، لا أن يُحملوا على قيم أسر فئات اجتماعيّة لبنانيّة اختارت نمط حياة بناءً على قيم وأفكار وافدة، ولا نقبل بحال فرضها نمطاً للعيش على أبنائنا. فالحديث عن المعلمة، دعوة لترك الحجاب، والإقبال على التبرّج، وسلوك الناس في الأعياد ليس واحداً، وليلة رأس السنة، إن هي إلاّ ليلةٌ كغيرها وليست عيداً.
    ثمّ إنّ هناك ملاحظة في مجال القيم الأخلاقيّة تتلخص في الآتي:
_ أفردَ معدّو المحتوى محوراً كاملاً سمّوه ( أخلاق وقيم ) [ القراءة ص: 95] ويعتمد فيه بشكل أساسي على الذكريات ففي الدرس الأول من المحور موكب البؤس [ ص: 96] يبدأ بـ ( كان) ويتكرر هذا الفعل أربع مرات. وعنوان الدرس الثاني: جولةٌ في الذكريات. [ص: 100]. ألا يوحي ذلك كلُّه بأنّ الأخلاق صارت نسياً منسياً، أو بعيدة عن الواقع، ولكنّها في البال، وليست للمارسة والالتزام؟؟ ألا يوحي ذلك أنّ الأخلاق والقيم صارت من لوازم الفعل الماضي الناقص " كان " ومدلولاته؟؟ أجاء ذلك مجرّد صدفة؟؟ أم أنّه توجّه وموقف؟؟

ثالثاً- القيم المتصلة بالهُوية والانتماء والموقف من الأعداء.
_ إن القيم في هذا المجال تتصل اتصالاً وثيقاً بالمبحث الذي قدمناه على مدى حضور ثقافة الأمّة ومنظومتها العقديّة والفكريّة...إلخ في المحتوى. فإذا كانت تلك القيم غائبة في المحتوى فكيف تبدو هذه؟؟

      1- تمجيد النزعة اللبنانية:
_ " رفعوا علم لبنان فوق سطح المريخ " [ القراءة – الصف الرابع: ص: 22]
_ " ما معنى أن يكون لك وطن وهُوية؟" [ القراءة – الصف الرابع: ص: 85]
_" لماذا توسطت الأرزة العلم اللبناني؟" [ القراءة- الصف الرابع: ص: 86]
_ رفض كل لواء إلا لواء لبنان [ القراءة- ص:87] جاء من [ مجزوء الرمل] لرشيد نخلة [ت:1939م].
إن أمت أو كنت حيّاً                     لا لوا إلا لواك
_ ما الهدف المشترك من أخوة السلاح؟[ القراءة- الصف الرابع:ص: 85]
_ عرضوا درساً كاملاً عنوانه ( في سبيل الأرض )[ القراءة- الصف الرابع:ص:91]. قصة هبة مع عصفور هاجمت أرضه الغربان وجُرح.
_ رفض العالم رمال رمال حمل أي جنسيّة غير اللبنانيّة[القراءة- الصف الرابع:ص:128].
_الاطلاع على نتاج الفكر اللبناني [ الدليل التربوي للصف الرابع: ص: 104].
_ ليبقى للبنان دورُه الريادي  [ القراءة- الصف السابع:ص:9].
_ ما علاقة لون الدم باللون الأحمر في العلم اللبناني؟ [ القراءة-الصف السابع: ص: 76] وجاء[من الخفيف] لبشارة الخوري [ 1890م – 1952م]
أيّهذا اللواء من خضرةِ الأر                ز كساها دم الجهادِ ورودَه
_ يخاطب فؤاد سليمان [ 1911م- 1951م] البلابل الحمراء في قريته قائلاً: هل في منقارك الأحمر حبّة من تراب ضيعتي؟ [ القراءة- الصف السابع:ص:30].
     2- صورة العرب والمسلمين
  يَرِدُ في المحتوى للصفين عدد من المواقف توحي بأنّ العرب شيء من التاريخ، ويوازون بين المسلمين العرب وما يتصل بهم من حضارة وعلوم...إلخ وغيرهم من الأمم، بل قد يمجدون بعضها. ومما رصدناه في هذا المجال:
_ " ألم تشاهد قِصصا سينمائية تمثّل حياة العرب القدماء وفراعنة مصر؟ [القراءة للصف الرابع: ص: 31].
_ ومن الإيحاءات الخطيرة تربوياً هذا الموقفُ العجيبُ والمليءُ خبثاً أو جهلاً، ففي الرد على سؤال هل الرحلة إلى المريخ حقيقيّة؟ ما دليلك على ذلك؟ [القراءة للصف الرابع:ص: 23] ويأتي الجواب المقترح في [ الدليل التربوي: ص: 37] النص خيالي لأنّ الأسماء عربية: رياض – وسام – رامي- ندى.
_ ورد في [ الدليل التربوي للصف الرابع:ص: 104] تقدير دور المشاهير العرب، والتزويد من قيم التراث العربي، وإدراك دور العرب في الحضارة العالمية. وفي كتاب القراءة درس عن ابن سينا([18]) ولكن ليس في الدرس كلمة  واحدة عن محيطه العربي وعصره الذهبي، ولا عبارة واحدة تدل أنّه ابن الأمّة الإسلاميّة العربية. و الغريب أنّهم أوردوا في تحليل النص أن ابن سينا يلقب بـ ( أبقراط العرب) وطلبوا من المتعلمين أن يبحثوا في الموسوعة عنه[القراءة للصف الرابع:ص: 133].
_ ولكن معدي المحتوى لم ينسوا مكانة العرب، فطالبوا بذكر بعض العواصم العربية في [ الدليل التربوي :ص:71].
_ لم نجد في محتوى منهاج العربية للصفين تحديداً للعدو إلا إشارة واحدة هي " أرض جبل عامل في مواجهة العدو" [ القراءة للصف الرابع:ًص: 129] وكأن قوات هذا العدو لا علاقة لنا بها، وكأنّها لم تصل إلى بيروت عام 1982، ولم تحتل جزءاً من لبنان وما زالت.
_" هنا تمثَّل بجلاء تاريخ العرب اللامع ومدنيتهم الزاهرة" ورد هذا في نص قصر الحمراء[ القراءة للصف السابع: ص: 91] والنص يصح أن يكون ميداناً للكثير من القيم في مجال الانتماء والهُوية، ودور المسلمين والعرب في الحضارات الإنسانيّة. ولكن للأسف فقد أغفلت في نشاطات التحليل كلُّ المفاهيم التي لها علاقة بالانتماء إلى أمتنا الإسلاميّة العربية[ راجع أسئلة في بناء النص، وأبعد من النص ص: 94].
_ في مقابل هذه الصورة عن أمتنا العربية الإسلاميّة نجد تمجيداً للحضارة اليونانيّة، عبر إبراز عظمة هيكل " جوبيتر " مهندس يوناني، ونحاتون يونان صاغوا تلك الأعمدة العجاب[ القراءة للصف السابع:ص:50] ثم نجد في مكان آخر: " في وطننا لبنان الكثير من الآثار التي خلفتها الأمم والشعوب التي عاشت على أرضه عبر العصور" ونجد من الأمم: الفينيقية والعربية والعثمانية[القراءة للصف السابع: ص: 53] وكأنّ ذلك كلَُّّه لا يكفي فأفردوا لتاريخ بعلبك وقلعتها صفحة كاملة في [ الدليل التربوي: ص: 77] والجدير ذكره أنّهم ذكروا أدوار قلعة بعلبك من غير أي إشارة للفترة الإسلاميّة العربية.
_ " ما أهمية العادات في تكوين الهُوية؟" [ القراءة العربية للصف السابع:ص:168] .
_ إسباغ صفة الخلود على الأرز وقد صحّ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أنّ شجرة الأرز فيها كبر مذموم. وقد صوروا شجرة الأرز وكأنّها صلاة تصعد إلى الله تعالى [ القراءة للصف السابع:ص:170].
_ تمجيد صنين ووادي الدلب[ القراءة العربية الصف السابع:ص:101].
    هذه هي صورة العرب والمسلمين، في محتوى منهاج العربية للصفين الرابع والسابع، شريط رفيع، رفيع جداً حتى كاد يتلاشى في مقابل الإغراق في اللبنانية قريةً وعاداتٍ وفكراً...إلخ. فنغم ولد آدم عليه السلام، الذي قتله أخوه انتقل إلى شابٍ  لبنانيّ[ القراءة للصف السابع:ص:159] وبيبلوس، وصيدون، وصور تحمل إلى العالم فيضاً من خبْراتها[ القراءة للصف السابع:ص:196]  نحن لسنا ضد تاريخ هذه المدن بكل ما ترمز إليه، ولكن التاريخ يجب أن يعرض كاملاً. ونحن نطالب بقوة بإظهار هُوية كل مدن الساحل اللبناني عبر التاريخ إلى الوقت الحاضر.
فمن يقرأ محتوى الكتابين لا يجد أثراً للعرب والمسلمين وكأنّهما أعِدّا لمتعلّم لا يمت إلى الأمة العربية الإسلامية بصلة، حتى أنّهم في نص عن الخنساء([19]) في [كتاب القراءة الصف الرابع:ص:138] أوحَوا أنّها جاهليّة وذلك حيث قالوا: وحين سأل الخليفة عبد الملك بن مروان([20]) أي نساء الجاهلية أشعر؟ قيل له: الخنساء. والأمانة العلمية تستدعي أن يذكروا أنّها مخضرمة، أي أنّها جاهليّة أدركت الإسلام وأسلمت.
رابعاً _ القيم السياسية:
القيم السياسية كغيرها من القيم الفرعية، أي القيم التي تكون فروعاً لا أصولاً. فالسياسة عامّة هي نتائج فكر أمّة أو مجتمع . والسياسة في نظام الحكم والمواقف، إنما ترتبط بفكر يشكِّل أساسها ومنطلقاتها. لذا، لا نتوقع أن يَكون المحتوى قد اشتمل على قيم سياسية. إذ ما رأيناه في مجالات الفكر والعقيدة لا ينهض بالقيم السياسية. وهذا أبرز ما عثرنا عليه منها في محتوى منهج اللغة العربية للصفين الرابع  والسابع:
1- اهتمام الملك بالرعية، وضرورة تأمين المأكل والملبس والطبابة لهم [كتاب القراءة للصف الرابع:ص:97].
2- اتصاف الحاكم بالعدل. [ كتاب القراءة للصف الرابع: ص:99].
3- أن يسمع الحاكم للمحكوم مباشرة، أو عبر رسائل. فهذا مارون عبود[1886م- 1962م] يراسل رئيس الجمهورية اللبنانيّة ويعرض مشكلات قريته وجوارها.[ كتاب القراءة للصف السابع:ص:140].
4- وجوب التوازن بين الضرائب التي يدفعها المواطن، والمنافع التي تعود عليه.[كتاب القراءة للصف السابع: ص: 143].
5- احترام أسس العيش المشترك، وفهم أهمية الانصهار في وحدة وطنية [الدليل التربوي للصف الرابع: ص: 78].
6- علاقة التربية بالسّياسة، فقد أكّدت دول العالم منذ أكثر من أربعين عاماً من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أنّ لكل شخص حقاً في التعليم. وأنّ التربية يمكن أن تعين على ضمان إيجاد عالمٍ أكثر أمناً وصحّةً ورخاءً، ومن خلال التعاون الدّولي والتسامح تتحسّن حالة الفرد والمجتمع .[ القراءة العربية للصف السابع:ص:154].
هذا ما أسفر عنه استقراؤنا محتوى الصفين، وحقيقة الأمر أنّ القيم السياسية غائبة في هذا المحتوى. ولم يستطع معدّو المحتوى أن يترجموا الأهداف الواردة في هذا المجال، كما حدّدتها الأهداف العامّة للمناهج. ففي الوقت الذي نرى فيه أهداف المناهج تؤكّد على تربية المتعلّم وتنشئته على الديموقراطية، نجد أنّ المحتوى لم يتمثّل تلك الأهداف. والحقيقة أنّنا لم نجد تفسيراً لذلك. لكن يمكن أن  نثير تساؤلات منها:
_هل كان التنسيق غائباً بين المؤلفين وأعضاء اللّجان الذين صاغوا الأهداف؟
_ هل يرتاب هؤلاء المؤلّفون من طرح الديموقراطية وما يتصل بها من أفكار على صفحات كتب المتعلّمين؟
_أجاء ذلك ضمن خطّة تقضي بتغييب التوجّه الإسلامي والقيم الإسلامية وإضعاف الشعور الديني لدى متعلّمي هذه الصفوف؟ ثمّ في مراحل متقدمة ، وفي محتوى مناهج الصفوف الثانوية يصبح المتعلّم جاهزاً لتقبّل أي أفكار، حيث إنّه لا يحمل أفكاراً يقاوم بها الأفكار الوافدة؟
     وفي مجال الانصهار الوطني، واحترام العيش المشترك، نرى أنّ هذه الأهداف لتصبح واقعاً محققاً، وقيماً ملزمة، لا بدّ لها من أسس ومبادىء، تشكل منظومة فكرية يتمحور حولها أبناء الوطن. فإن ظلّت هذه المنظومة الجامعة غائبة، فإنّ العيش المشترك سيبقى مرتبطاً بالمصالح والسلطة والأمن... وينهار عند اختلالها.

 
خامساً_ القيم المتعلقة بالفنون:
    ترتبط الفنون، من حيث هي سلوك، بمنظومة الفنّان الفكرية والعقدية، فما يصدر عنه يعبّر عن تلك المنظومة، وينسجم معها وتشكّل تلك المنظومة معياراً للحكم على فنّه ، من حيث مدى تعبيره عن الالتزام به. وهناك دعواتٌ قديمة جديدة مفادها " الفنّ للفنّ " و " الفنون جنون "، في مقابل " الفن الملتزم ". والمحتوى لم يتبنَّ دعوة من هذه ، وتراه يعرض من هذا الفنّ مرّة  ومن ذاك مرّات. معَ الاهتمام البالغ بما يسمّى الفنون التراثيّة الشعبيّة، وخاصّة ما يَشيع منها في القرى" فالعتابا" – و " الميجانا "  ونافخ القصب، وعازف الرباب...إلخ والدبكة المختلَطة وغناء الحسناوات...إلخ والعزف هذا كلُّه نجده على البيانو موزّعاً في[ كتاب القراءة للرابع أساسي:ص:30 وص: 134]. أمّا في كتاب القراءة للصف السابع، فقد أفردوا للفن محوراً خاصاً تحت عنوان الفنون الجميلة. قدّموا فيه لعباس محمود العقّاد [1889م-1964م] نصّاً عن علاقة الحريّة بالفنون الجميلة[ص:37] مطلعهُ: يقاس حبّ الأمم للحريّة بحبّها للفنون الجميلة...وإنّما تعرف الأمم الحرية حين تأخذ في التفضيل بين شيء جميل وشيء أجمل منه. ويتابع إلى أن يقرّر: وليس بالباحث حاجة إلى طويل بحث أو عظيم عناء في تعرّف نصيب الأمم من الحريّة والعزة، وإنما حسبه أن يسأل عن متحف من متاحف الفن فيها. فإن لم يجده فقد عرف الحقيقة من أوجز طريق...
   غريب هذا الكلام، وظالمٌ هذا الميزان فلو اتخذناه مقياساً لكان الفراعنة الذين كانوا يعبّدون النّاس ﴿ وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾[الشعراء:26/22] زعماء الحريّة، فهم الذين برعوا بالرسم والنحت والبناء والتحنيط...إلخ ولا يخلو متحف في العالم من فنونهم. ولكن أين هم من الحريّة؟؟ ولو اتخذنا الفنون معياراً للحريّة لكانت فرنسا خاصّة أمّ الحريات. ففي كل شارع متحف، وفي كل زاوية معرض، وهنا دار للأزياء وهناك معهد للرسم،...إلخ ولكنّ تلك الفنون كلَّها لم تحمِ فتاة مسلمة محجّبة من ظلمهم، حيث منعوها من أبسط حقوقها في مجال حريّة الزيّ. وأيُّ قيمة لتلك الحرية عندما تمنع السلطات فتاة من طلب العلم بسبب اختيارها الإسلام والتزامها  الحجاب الشّرعي؟!! وهل منعت كلُّ الفنون الجميلة وغير الجميلة، سلطات الولايات المتحدة من ظلم المسلمين والمسلمات عامّة والذين هم من مواطنيها ويعيشون فوق أرضها خاصة؟!!
   ثم إنّني أشير إلى دلالة استوقفتني، وهي سرّ اختيار هذا النص بموضوعه  وأبعاده لعباس محمود العقاد، فكتبه كثيرة بلغت ستين كتاباً وأشهرها العبقريات، ومنها الكثير في تاريخ الأدب ونقده. فهل يكمُنُ وراء هذا الاختيار تقديم موقف العقاد وكأنّه موقف الإسلام من الفنون؟ وإقناع المتعلّم المسلم بهذا المعيار الفني؟ هذا المعيار الذي لا نجد له سنداً شرعيّاً، ولا برهاناً عقليّاً، ولا واقعاً ملموساً. وفي الوجه الآخر لهذه الدلالة نسأل لماذا  اختير نص " قصر الحمراء "[ص:91] لمصطفى فروخ [1901م – 1957] وهو رسام لبنانيّ كبير ومن رواد الفن التشكيلي. ليكون، أي هذا النصّ، في محور السرد القصصي والرحلة. ولماذا أهملت كل أجواء النص الإسلاميّة ومؤشراتها على مستوى المفردات والعبارات والأفكار والمضامين؟ وما أكثرها في النص؟!
( أَرتفعُ إلى الملأ الأعلى، أَنسلخُ عن كل مادة، أطيافاً نورانية، أغنية علويّة، إذاً لرأيت ثمَّ نعيماً وملكاً كبيراً. هنا تمثّل بجلاء تاريخ العرب اللامع، ومدنيتهم الزاهرة هذا الفن، يقصد العربي الإسلاميّ، فن عُلويٌّ يريك أطيافاً نورانية، وليس له مثيل من مسميات هذا العالم....) أيعقل أن تهملَ كلُّ هذه العبارات بأبعادها الفكريّة والتاريخيّة؟!!
   يبقى أن نشير إلى أنّ الفنون بأنواعها، في أمس حاجة إلى المعايير الضابطة، والفنانين أبلغ تمثيلاً للقيم وأشدّ التزاماً بها.


    (1) الدراسة منشورة في سلسلة المناهج التعليمية والاتجاهات الجديدة في التربية – الحلقة الثالثة. المناهج الجديدة في لبنان: نظرة تقويمية: ص: 309.
    (2)هذه الدراسة نشرها تحت عنوان: نقاط على الحروف في منهج اللغة العربية وآدابها. ثم جمعها مع مجموعة من المقالات التي كان نشرها في الصحف في كتاب جديد أسماه دفاعاً عن العربية.
    (3-4) الدراستان منشورتان في أعمال المؤتمر التربوي الإسلامي الخامس. وكان تحت عنوان: مناهج التعليم العام الجديدة في الميزان: ص: 151 – وص: 169.
    (5) راجع مقدمة كتاب القراءة العربية- الصف الرابع – التعليم الأساسي. ص: 7.
   
    (1) راجع مقدمة كتاب: القواعد العربية–الصف الرابع – التعليم الأساسي: ص:7.
    (2) راجع مقدمة كتاب القراءة العربية – الصف السابع – التعليم الأساسي: ص:7.
    (1)الجاحظ هو، أبو عثمان عمرو بن بحر الكناني بالولاء [ 163هـ - 255هـ] كبير أئمة الأدب، ورئيس الفرقة الجاحظية من المعتزلة. مولده ووفاته في البصرة. كان مشوه الخلقة، مات والكتاب على صدره، حيث وقعت عليه مجلدات ضخمة. له تصانيف كثيرة منها: الحيوان – وسحر البيان – والتاج – والبخلاء، ووسائل القرآن – كتاب المعلمين(عن الأعلام للزركلي،خير الدين: ج5 / ص: 74).
    (2) الجاحظ، عمرو بن بحر؛ البيان والتبيين ج1/ص:100.
    (1) راجع مقدمة كتاب القواعد: الصف الرابع ص: 6 والصف السابع ص: 7، من التعليم الأساسي، المركز التربوي:
    (1)هو أبو بكر بن العربي، [ 468هـ 543هـ] محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن العربي المعافِري. ولد في إشبيلية، كان أبوه من وجوه علماء الدولة وكبارأعيانها، خرج مع ابنه بعد سقوط دولة الاعباد في سنة [458هـ] من إشبيليه، فوصل إلى الجزائر، مر بالديار المصرية، ومكث في بيت المقدس ثلاث سنوات وأقام بدمشق وأخذ عن علمائها وأمضى في دار الخلافة في بغداد فترةً وأخذ عن كبار علمائها ومنهم أبو حامد الغزالي. ثم عاد إلى موطنه إشبيليه، تصدر للقضاء، ثار عليه العامّة وأحرقوا كتبه. قصد المغرب مع وفد من إشبيليه رئسه بنفسه. وحبس مع الوفد نحو عام. ثمّ أفرج عنهم وفي طريق العودة وافته المنية في موقع يسمى " إغلان " على مسيرة يوم من فاس. يوم الأحد [ 7 ربيع الأول 543هـ] وله تصانيف ومؤلفات كثيرة منها: قانون التأويل في تفسير القرآن الكريم، أحكام القرآن، كتاب المشكلين، مشكل الكتاب ومشكل السنة، ترتيب المسالك في شرح موطأ مالك، المحصول في علم الأصول [ عن كتابه " العواصم من القواصم " تحقيق محيي الدين الخطيب ص: 8 وما بعدها.
    (2) ابن العربي، محمد بن عبد الله، أبو بكر؛ العواصم من القواصم: ص: 178.
    (3) راجع، إبراهيم، عبد العليم؛ الموجه الفنيّ لمدرسي اللغة العربية: ص: 147.
    (1) لم نجد في لسان العرب في مادة [ ت – ق – ن] ج13 / ص:72 هذه المفردة والاتقان معناه الإحكام. لكنهم يستخدمونها بمعنى آلية وخطوات. لذلك وضعناها بين مزدوجين.
    (2)كيف حصلنا على هذا الرقم:6 حصص أسبوعياً ×30 أسبوعاً دراسياً =180 حصة180 حصة  × 50 دقيقة = 9000 دقيقة
       9000 دقيقة ÷ 60 دقيقة = 150 ساعة
       وإذا كان أقصى نشاطه التعلمّي ثماني ساعات يومياً: 150ساعة÷8 = 18.75 يوماً
    (1) الراجحي، عبده؛ علم اللغة التطبيقي وتعليم العربية: ص: 75.
    (1) هو عبد الله بن المقفع،[724- 759] من أئمة الكتَّاب، وأول من عُني في الإسلام بترجمة كتب المنطق: أصله من الفرس، ولد في العراق مجوسياً (مزدكيا ) وأسلم على يد عيسى بن علي( عم السفاح). ترجم عن الفارسية كتاب " كليلة ودمنة " وأنشأ رسائل غاية في الإبداع، ومنها: الأدب الصغير، والأدب الكبير، واليتيمة. أتهم بالزندقة فقتله في البصرة أميرها سفيان بن معاوية المهلبي. (عن الأعلام ، للزركلي خير الدين: ج4 / ص: 140).
       (1)  هو الحسين بن عبد الله بن سينا [ 370هـ - 428هـ]، الشيخ الرئيس. صاحب التصانيف في الطب والمنطق والطبيعيات، أصله من بلخ، طاف البلاد وناظر العلماء، تقلّد الوزارة في همذان. قال عنه ابن تيمية: تكلم في الالهيات، والنبوات، والمعاد، والشرائع أشياء لم يتكلم بها الفلاسفة ولا وصلت إليها عقولهم. استفاد ذلك من المسلمين. له: القانون في الطب، والمعاد، ورسالة الحكمة.( عن الأعلام للزركلي، خير الدين؛ ج2/ص:241).
       (1)  الخنساء،[....، 24هـ] هي تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد، من بني سليم، من قيس عيلان، من مصر، أشهر شواعر العرب على الإطلاق، أدركت الإسلام فأسلمت، ووفدت مع قومها على الرسول صلى الله عليه وسلم. وكان عليه الصلاة والسلام يستشعرها ويعجبه شِعرُها، كان لها أربعة  بنين شهدوا القادسية فجعلت تحرضهم على الثبات حتى استشهدوا جميعاً. فقالت: الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم.( عن الأعلام، للزركلي، خير الدين: ج2/ص:86].
       (2)  هو عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي[ 26هـ - 86هـ] من أعاظم الخلفاء وأدهاههم، نشأ في المدينة المنورة، فقهياً واسع العلم، متعبداً، ناسكاً، استعمله معاوية على المدينة وهو ابن 16 سنة. اجتمعت عليه كلمة المسلمين بعد الفتن. ( عن الأعلام، للزركلي، خير الدين؛ ج4/ ص:164).

No comments:

Post a Comment