المبحث السادس: طرائق وأساليبُ اكتساب القيم.
شاء الله تعالى للإنسان أن يكون مخلوقاً اجتماعيا، يحتاج إلى أبناء جنسه: أمٍّ وأبٍ وإخوةٍ وأخوات وأصدقاء وأقارب وزوج وأبناء، وتختلف درجة الحاجة هذه حسب مراحل نموه، وحسب حالته، وموقعه … إلخ. وهو- استجابةً لهذه الحاجة- يضطر إلى التعامل مع محيطه الاجتماعي. وأبرز مؤسسات هذا المحيط هي الأسرة ثم المدرسة ومن خلالهما الأصدقاء والأتراب.
فإذا تقدمت به السن وبلغ مبلغ الشباب، بحث كلّ منهم عن شريك له من الجنس الآخر. وهو يتعرّض في حياته لمرض، ويتطلب عيشه الكثير من الضروريات أو الكماليات. ومن المُسلَّم به أن أحداً منا لا يستطيع أن يقوم بنفسه في تأمين كلِّ ما يحتاج إليه، والحلّ أن أقدِّم شيئاً أو أشياء لغيري، وغيري يقدِّمون لي ما أحتاج إليه مصداقاً لقول أبي العلاء المعرّي([1]): [من البحر البسيط]
الناس للناس من بدوٍ وحاضرة | |
وهذه العلاقات في الأسرة والمدرسة وفي جميع أوجه النشاط الإنساني من مؤسسات اجتماعية وغير ذلك لا بد لها من تنظيم. فكانت الشريعة وأحكامها والدساتير والقوانين … والأعراف.
والقيم تنظم الأعراف والدساتير والقوانين وتنتظم في الشريعة، والفرد يكتسبها بأشكالٍ وطرائق وأساليب مختلفة من جرّاء علاقات حاجاته التي ذكرناها، فالأسرة هي بحق المصدر الأول لتلقّي القيم وتشكُّلِها ومن ثم للتمسّك بها أو التخلي عنها. والمدرسة هي المصدر الثاني، وأعني بالمدرسة تلك المؤسسة المقننة والخاضعة لنظام ومنهاج تحدده السلطات الرسمية، ويأتي بعدها المسجد، والنوادي والجمعيات ووسائل الإعلام، مكتوبة أو مسموعة، مرئية ومسموعة، والشبكة الإلكترونية … إلخ.
إلا أننا في بحثنا سنعرض لمسألة اكتساب القيم في المدرسة وقد أكَّدَتْ بعض الدراسات مدى تأثّر المتعلِّمين بالمدرسة وما يتصل بها، فجاءت عناصر التأثير بالمتعلّم مرتّبة على الشكل الآتي([3]):
1. الكتب المدرسية.
2. أصدقاء الصف والمدرسة عامة.
3. ما يقدّمه المدرسون والمدرسات في تواصلهم مع متعلميهم من أمور معرفية وثقافية و "تقنية" … إلخ.
4. شخصيات المدرّسين والمدرّسات ومدى احتفالهم بالقيم وتمسكهم بها في مختلف سلوكهم.
ولما كانت التربية بأسسها وعناصرها وأهدافها ووسائطها لا تنفكّ متصلة بالقيم، ولا يمكن أن تنعزل عنها أو أن تدير لها ظهرها، كذلك فإن القيم لا تستغني عن التربية ومؤسساتها في عملية تشكُّلها واكتسابها من قبل الأفراد والجماعات، خاصّة في ظلّ أنظمة التعليم القائمة، حيث ارتباط التحصيل والشهادات، وبالتالي الوظائف بأحد مؤسسات الدولة "وزارات التربية".
والتربية، بكل ما تقدَّم، تسعى لبناء شخصية متوازنة متكيّفة وذلك بالاستناد إلى"ما يسود المجتمع من تنظيمات سياسية واجتماعية واقتصادية. ولهذا كان لا بد للإطار الثقافي الذي يقوم عليه المجتمع من أن يحدد أبعاد العملية التربوية واتجاهاتها، بحيث لا تخرج التربية عن هذا الإطار إلا تطويراً له وتقدّماً به في عملية زيادة، آخذة بيد المجتمع نحو مستوى أفضل. وعلى هذا الأساس تحتل القيم مركزاً أساسياً في توجيه العملية التربوية، وفي هذا المجال لا تعمل التربية في المحافظة على التراث الثقافي ونقله من جيل إلى جيل، وإنما تعمل على تطوير هذا الواقع الثقافي، مقتربة بذلك بقدر ما تستطيع مما وضعته أمامها من تصور لما يجب أن يكون"([4]).
وبغض النظر عن منظومة القيم التي يتبنّاها منهاج تربوي محدد، وعن آلية تبنِّيها، فإن الطرائق والأساليب والوسائل التي تُعتمد في عملية إكساب القيم واكتسابها يجب أن تكون جميعاً منسجمة مع القيمة المكتسبة ذاتها، ومع القيم الأعلى منها. فعملية إكساب القيم المتصلة بالعمل الجماعي، يجب الحرص فيها على الالتزام بهذه القيم من قبل أعضاء هيئة التدريس، لأنهم يشكلون قدوة للمتعلِّمين.
وغياب هذا سببٌ من أسباب تدني تمثُّل المتعِّلمين الكثير من قيم الثقافة المدنية وخاصة في الجانب السياسي، حيث المثبَتُ في الكتاب شيءٌ، وموقف المعلِّمين منه شيء آخر، والممارسة الفعلية على أرض الواقع من قبل السياسيين شيء مختلف تماماً.
وسنعرض أبرز الطرائق التي نراها مناسبة في غرس القيم ورعاية الالتزام بها، وغنيٌّ عن التأكيد أن خصائص أي مادة تعليمية تلقي بظلالها على طريقة تعليمها وتعلّمها وعلى الوسائل، لذلك قدمنا خصائص القيم الإسلامية على كلامنا عن طرائق وأساليب غرسها ليربط بين الأمرين.
ويمكن تصنيف الطرائق وفق عدة اعتبارات ومنها:
1. تصنيف الطرائق بالنظر إلى المدرّس ودوره.
2. تصنيف الطرائق بالنظر إلى المتعلّم وما يتعلَّق به من خصائص نموّه العضوي والعقلي والنفسي … إلخ.
3. تصنيف الطرائق بالنظر إلى طبيعة المادة.
4. تصنيف الطرائق بالنظر إلى طرائق التفكير ومناهجه.
5. تصنيف الطرائق بالنظر إلى طبيعة الهدف المتوخّى الوصول إليه.
6. كما يمكن الالتفات في تصنيف الطرائق بشكل عام إلى عوامل أو صفات من مثل: الابتكارية أو التقليدية، النظرية أو العملية.
وجدير بالذكر أن جميع هذه الاعتبارات سنضعها بالحسبان ونحن نستعرض طرائق غرس القيم. وسنختار أن نبدأ بعرضها حسب تدرّج تاريخي – وفق ما استخلصناه من استقراء القرآن الكريم – أي إنها من الطرائق والأساليب الأقدم ممارسة وصولاً إلى الأحدث، وقد جاءت على الشكل الآتي:
أولاً: طرائق وأساليبُ اكتساب القيم في القرآن الكريم:
1- الطريقة الأولى: الإخبار والحوار بمضمون الخبر، ثم الطلب بعد الإقناع عن طريق تقديم البرهان:
أ- وهي أقدم طريقة وقف الإنسان على خصائصها، وتتمثَّل في إخبار الله تعالى الملائكة والجن عن أمر استخلافه آدم عليه السلام في الأرض، وحواره الملائكة والجن "إبليس تحديداً"، وقد بيَّن الله تعالى ذلك في قوله: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 2/30]. والله تعالى أَمْرُهُ بين الكاف والنون ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يـس: 36/82] ومع ذلك فقد حاور وأسمع واستمع. وتقودنا هذه الخطوة إلى الخطوة التالية وهي:
ب- الإقناع عن طريق تقديم البرهان والدليل: ليتم التسليم بالأمر، وذلك واضح بيِّن في قوله تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: 2/31] ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [البقرة: 2/32] ﴿قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ [البقرة: 2/33]. وبعد أن عاين الملائكة قدرة آدم عليه السلام وتفوقه في هذا الأمر بتقدير من الله وكان ذلك برهاناً عملياً واضحاً بيِّنا، جاءت الخطوة الثالثة والمتمثّلة في:
ج- الطلب بعد الإقناع، فأمرهم العلي القدير ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة:2/34].
2-الطريقة الثانية: وأحب أن أسميها: الطريقة الإبليسية:
وكما أن الطريقة الأولى تتساوق وتتكامل بانسجام مع قيم الإيمان والخير عن طريق البرهان العقلي، فإن هذه الطريقة تتناسب وتنسجم مع إشاعة الرذيلة وإفشاء الشر، عن طريق تعطيل قدرات العقل والاستدلال السليم. وهي التي بيَّنها القرآن الكريم في أكثر من موضع. وهي مخالفة للطريقة الأولى بوصفها طريقة ربَّانية من جهة، وبكونها تعتمد على البرهان السليم والحجة الدافعة من جهة ثانية. أما إبليس اللعين فبرهانه سراب وقياسه غُرورٌ وإعجاب. ولما كنَّا لا نرى القيم إلا في الجانب الإيجابي، فقد يقول قائل: لماذا أَدرَجْت هذه الطريقة تحت عنوان اكتساب القيم إذاً؟ والردُّ أنَّ هذا من باب ((والضدّ يُظهر حُسنَهُ الضدّ)) ([5]). وكذلك هي من ضرورات توضيح المفهوم، حيث يستدعي توضيح مفهوم الخير تحديداً لمفهوم الشرّ. وإن كان كلامنا عن اكتساب القيم، فهذه عندنا انحطاط أو تسفّل، كجلمود صخر حطَّه السَّيل من عَل([6])، فما يُقابل القيم يمكن أن نطلق عليه حَطاطةٌ أو سُفالة([7]).والطريقة هذه أول ما مارسها اللعين في قصة سيدنا آدم عليه السلام حيث أمره الله تعالى بالسجود فأبى واستكبر:
أ- مستخدماً أسلوباً قياسياً فاسداً، حيث قرَّر أن النار أفضل من الطين، من دون برهان ومن غير استناد إلى علم حقيقي يقيني، وقد أخبر الله تعالى عنه أنه قال ﴿… قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ [الأعراف: 7/12]. والأسلوب الثاني في هذه الطريقة التي تفتقر إلى البرهان والدليل هو:
ب- اللجوء إلى القَسَم والتأكيد اللفظي، ﴿وقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ﴾، وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ [الأعراف:7/20-21]. فإنه لم يأت بأي دليل على ادعائه، ولم يقدم صورة لكيفية صيرورتهما ملَكين أو خالدَين. ولم يُخبر عن الشجرة شيئاً. لكن لجأ إلى القَسَم وهو نوعٌ من التأكيد. ثم لاحِظ المؤكِّدات في الجملة - (القسَم + إن + اللام المزحلقة) – وقالت العرب: "كل كذَّاب كثير الحلف". وهذا الأسلوب مخالف للأساليب الرّبّانية المعتمِدة على البراهين والأدلَّة، وصولاً إلى خرق النظام الكوني في بعض سُنن الله تعالى الثابتة بالمعجزات التي يؤيّد بها رسوله. وإلى ذلك طلب منا أن نُعمِل عقولنا بعد أن نجولَ بأبصارنا في آياته المبثوثة في الكون وفي أنفسنا. وقد يقول قائل: ألم يستعمل الله تعالى القسَم في كثير من المواضع في كتابه العزيز؟ والردّ، أن الله تعالى يُقسم فهذا صحيح، ولكن الفارق أننا لمَّا آمنا وصدَّقنا عن طريق البرهان والمعجزة وغيرهما من وسائل الاستدلال، صار ما يُخبِر به الله تعالى ثابتاً صحيحاً حتى من غير قسَم. ونعطي على ذلك مثلاً – ولله المثل الأعلى – برجل ثبت عندك صدقه، فهل تسأله أن يُقسم إذا أخبرك بأمرٍ ما؟ وهذا يختلف عن مطالبتنا بالدليل الشرعي لأي حُكم أو موقف يدلي به عالم أو إمام. إن القضية هنا أن الحق لا يُعرَف بالرجال وإنما الرجال يُعرفون باتباعهم الحق. ولا بد لهم من دليل شرعي. وصحة الدليل وقوته هي المعوّل عليه، ومن أساليب إبليس اللعين أيضاً:
ج- الوعد الكاذب، ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُوراً﴾ [النساء:4/120].
د- التخويف ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَه﴾ [آل عمران: 3/175].
هـ- التزيين ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: 6/43].
و- الإضلال ﴿ويرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً﴾ [النساء: 4/60].
ز- السحر والاسترهاب ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ [البقرة: 1/102]، ﴿فلما أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ﴾ [الأعراف: 7/116]. والسحر منافٍ لكل مناهج العلم والتفكير، وكان قائماً على قدم وساق في عهد سيدنا موسى عليه السلام، لكنه باطلٌ ﴿فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ﴾ [يونس: 10/81]. ولقد ذكرتُ هذه الطريقة بأساليبها المختلفة ليتجنبها المربون، فالقيم لا تُبنى بها، وعلى المربي أن يعتمد ما يمكنه من تحقيق أهدافه البعيدة والقريبة. فيحرّك النفوس، ويستثير العقول فتتشكَّل القيمة، وتنعكس سلوكاً، فيطمئن القلب، وتستسلم الجوارح.
3-الطريقة الثالثة: وهي طريقة التمثيل والتطبيق الحي، ليتمكَّن المتعلِّمُ من المحاكاة والتقليد:
وأقدم تجربة بشرية في هذا المجال على الإطلاق، كانت تجربة أحد ولَدي سيدنا آدم عليه السلام (قابيل) حين قتل أخاه (هابيل)، فأرسل الله تعالى غراباً ليُعلّمه ﴿واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ...﴾ ﴿فبعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ﴾ [المائدة: 5/27، 31]. وتعتبر هذه الطريقة من أحدث طرائق التعليم عامة وغرس القيم خاصة. ويكفي أنها هي أساس صناعة السينما، حيث يتوخَّى المنتجون من وراء أفلامهم تغيير سلوك فئات محددة من الناس. كما يعتبر المسرح المدرسي خاصة من أكثر الوسائل تأثيراً في تغيير سلوك التلاميذ. وكذلك فإن الأبناء والتلامذة وغيرهم يكسبون أنواعاً من السلوك ويتخلّون عن قيم ويستمسكون بأخرى عن طريق التقليد والمحاكاة الحية المباشرة أو من خلال ما يعرض على الشاشات الصغيرة والكبيرة.
4-الطريقة الرابعة: طريقة المصاحبة:
وتتجلى في قصة سيدنا موسى عليه السلام مع العبد الصالح، والتي ورد ذكرها في سورة الكهف من الآية (60) حتى الآية (82). وفيها من المواقف التربوية ما يشكّل مدرسة لها خصائصها. ولا يتسع المجال لبسطها في هذا العرض السريع والذي غايتنا منه هنا تبيان الطرائق التي وردت في القرآن الكريم.
وأشير إلى أن المدرسة الحديثة بكل مرحلها، استطاعت أن تزوِّد المتعلِّم بكمٍّ هائل من العلوم والمعارف. ويستطيع المدرس بوسائط متاحة في مؤسسته من مختبرات ومواد وغير ذلك أن يُكسب متعلِّميه الكثير من طرائق التفكير ومناهج البحث … إلخ. إلا أن تأثيره في وجدان متعلميه سيظلّ باردا لا حرارة فيه، حيث لا يجالسهم ولا يصاحبهم خارج إطار المواد التي يدرِّسها، وبالتالي سيكون تأثيره على الجانب العلمي في شخصيتهم دون عالم الوجدان، وما فيه من تواصل لا يتأتّى إلا بالمصاحبة وقتاً طويلاً، حيث يكشف المتعلم سلوك مربِّيه في مجمل نشاطه الإنساني، فيتجلَّى السلوك، ويظهر مدى ارتباطه بالجانب النظري.
وليس صدفة أن نسمّي خير معادن البشر الذين هيأهم الله تعالى ليحملوا مع محمد صلى الله عليه وسلم لواء هذا الدين "صحابة". وأن تُفرِد الكتبُ الصفحاتِ في تعريف الصحابي وتحديده حتى رضي بعض العلماء أن يطلق اسم الصحابي على كلّ من رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ولو مرة واحدة، وذلك ببركة رؤيته صلى الله عليه وسلم. وكم من عالم كان مولى يخدم عالماً وبالمصاحبة صار علَماً. ونحن جميعاً مدعوون إلى ابتكار نشاطات نمارسها تكفل لنا هذه المصاحبة في النظام المدرسي القائم ولو جزئياً، ريثما يتسنّى لنا إيجاد نظام تربوي يأخذ مسألة المصاحبة هذه بعين الاعتبار.
وقد بيَّن الله عزوجل أثر الصحبة في كثير من الآيات وجاء ذلك على لسان الصاحب الذي تأثَّر سلباً ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً، يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً﴾ [الفرقان:25/27- 28]. والصحبة لا بدّ أن تكون على التقوى وإلا انقلبت عداوة يوم الحساب ﴿الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ﴾ [الزخرف:43/67] أو هروباً من أعباء تلك الصحبة ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسْبَابُ﴾ [البقرة:2/166].
5- الطريقة الخامسة: استقراء الوقائع وتوظيف معطياتها في ربط النتائج بالأسباب للوقوف على الحقيقة:
وهذه الطريقة يمثّلها مشهد من مشاهد قصة سيدنا يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز([8]) حيث راودته عن نفسه عليه السلام واتهمته أمام زوجها أنه يريد بها سوءاً. وشهد شاهد من أهلها مستقرئاً الوقائع من غير أن ينفي أو يؤكّد قولها أو قول سيدنا يوسف عليه السلام. لكنه أعمل العقل في فهم الوقائع، فإذا بقميص سيدنا يوسف عليه السلام قد قُدَّ من دُبُر ﴿ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إلا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [يوسف:12/25]، ﴿قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ [يوسف:12/26] ﴿وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [يوسف:12/27]. وهل يُقبل الرجل على المرأة بظهره؟ إذاً فالصورة واضحة والمشهد يمكن تخيله تماماً – فالقميص قُدَّ من دُبُر. إذاً، فقد أدار يوسفُ عليه السلام ظهرَه هرباً منها فلحقت به وأمسكتْهُ. ويمكن ترسيم هذه الطريق على الشكل الآتي:
![]() | |||||||||
![]() | ![]() | ||||||||
![]() | |||||||||
![]() | |||||||||
وتفيد هذه الطريقة أنّ القيم والمواقف وإصدار الأحكام وتحرّي الحقيقة لا يكون بتصديق الادعاء، ولا بدّ من هذه الخطوات قبل إصدار حُكمٍ تصديقاً أو تكذيباً ونَفياً.
6- الطريقة السادسة: تقديم نموذج حي عن عالم غيبي:
وهذا كثير في القرآن الكريم ومنه:
أ- مشهد من قصة سيدنا موسى عليه السلام، حيث أخبر قومه أن الله عزوجل يأمرهم بذبح بقرة، وقد تناولته آيات عدة في سورة البقرة من الآية (67) حتى الآية (73)، وفي قوله تعالى: ﴿فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: 2/73]، فلما أنكر الناس فكرة الحياة بعد الموت قدّم لهم النموذج الحي، حيث شاركوا هم فيه، فبأيديهم ذبحوا البقرة وبأيديهم قتلوا الرجل وبأيديهم ضربوه ببعضها، فأحياه الله، وأخبرهم ما كان منهم في جريمتهم([9]).
ب- قصة فتية أهل الكهف، حيث أنامهم الله عزوجل ثم بعثهم بعد وقت طويل، وذكر الله تعالى قصتهم في سورة الكهف من الآية (9) حتى الآية (26)، ومنها ﴿ وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً﴾﴿ وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً﴾ [الكهف: 18/18-19]. فإذا كان شعورهم بأن مقدار 309 سنوات كأنه يوم، وظلّوا أحياء كل هذه الفترة بلا طعام ولا شراب، ولم يقرب أجسادهم دودٌ ولا دواب، ولم يصب أجسادَهم أيُّ خراب، فإن هذه التجربة وهذا النموذج الحي يكفي في غرس قيمة إيمانية كبيرة هي: الإيمان بالبعث بعد الموت([10])، فسبحان العلي الوهاب. ومثلها قصة العُزير([11]) الذي أماته الله مئة عام، وحفظ طعامه وشرابه من فساد، وجمع عظام حماره ثم كساه لحماً، ونفخ فيه الروح. ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة:2/259].
ج- ومن ذلك أيضاً قصة سيدنا إبراهيم([12]) عليه السلام وهي تأتي من حيث الترتيب في التلاوة بعد الآية التي يقدّم الله عزوجل فيها نموذج العُزير مباشرة. فقصة العُزير ذُكرت في الآية رقم (259) من سورة البقرة. وقصة سيدنا إبراهيم عليه السلام المماثلة لها في الهدف والأسلوب تحمل الرقم (260)، والفارق بين النموذجين: أنَّ العُزير أنكر البعث والإحياء، فأجرى الله عزَّ وجل التجربة له بجسده وبحال طعامه وشرابه وبإنشاز عظام حماره…. بينما سيدنا إبراهيم عليه السلام لم يُنكر البعث والآية صريحة في أنه مؤمن به تماماً ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [البقرة:2/260]، ومطلوب سيدنا إبراهيم عليه السلام لنفسه هو لذة ملابسة الفعل ومعايشته، أما لنا فنموذج تجريبي حي عن عالم غيبي. وفي قصة العُزير ثلاثة نماذج:
1- النموذج الأول: العُزير نفسه إنسان وهو جسد بلا روح. فحفظ له جسده مائة عام وأعاد إليه روحه.
2- النموذج الثاني: الطعام والشراب وهو مادة (شيء) قابلة للتفاعل والتحّلل والتحوّل بالتبخّر أو غيره، لكن الله عزوجل حفظها كل هذا الزمن.
3- النموذج الثالث: الحمار (حيوان).
7- الطريقة السابعة: طريقة السؤال للمحاكمة الذاتية وتقويم السلوك بعد تقويم منهج التفكير: ومنها أساليب:
أ- السؤال المبني على المقارنة: ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا﴾ [النازعـات:79/27].
ب- السؤال المبني على الإقرار: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ [الزمر:39/38].
ونلاحظ ترابط الأسلوبين ففي السؤال المبني على المقارنة، نتوقع أن يكون الجواب: بل خلق السماوات. وفي السؤال الثاني المبني على إقرارهم بأنَّ الله تعالى خلق السماوات والأرض، يأتي الجواب (الله) وتكون المحاكمة العقلية الذاتية، انطلاقاً من الإجابتين على الشكل الآتي:
- خَلقُ السماوات والأرض أشدّ من خلقنا.
- الله خلق السماوات والأرض.
- إذاً لماذا نُنكر خلق الله لنا؟!
- التسليم والانقياد والإيمان بأن الضر والنفع بيد الله عزوجل. وبالتالي تغيير السلوك وفقاً لمتطلبات هذا الإيمان.
ج- السؤال المبني على الافتراض والاحتمالات بهدف محاكمة السلوك عقلياً لدفع العادات، وإحلال سلوك مختار نتيجة اعتقاد مكانها. ومن الأمثلة على هذا النوع قوله تعالى ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ﴾ [البقرة:2/170].
فإننا نرى أن مجرّد الإجابة عن هذا السؤال، ستسهم في تعديل السلوك بحيث يتمّ دفع العادات التلقائية التي انتقلت إلى الأبناء عن طريق التقليد دون محاكمة وتبصّر ليحلّ محلّها سلوكٌ مبنيٌّ على إيمان نتوصّل إليه عن طريق العقل.
8- الطريقة الثامنة: طريقة ضرب المثل:
وورد الكثير منها في القرآن الكريم، ومنها:
أ- المثل التصويري: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ﴾﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ﴾﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ [البقرة:2/17-19]. فقد رسمت هذه الآيات صورة لحالة المنافقين تبيِّن شأنهم وأمرهم، فتوضحت في أذهان المؤمن، فابتعد عنها. ومن هذا القبيل قوله تعالى:﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة:2/261].
ب- المثل التقريري:﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عمران:3/59]، فالله عزوجل يقرر ويخبر خبراً مبنيّاً على العِلم اليقيني للذين ارتابوا ولم تقبل عقولهم أن يكون وُلِدَ سيدنا عيسى عليه السلام من غير أب. فيُعطي هذا المثَل ليعودوا إلى رُشدهم. فآدم عليه السلام خُلق من تراب من غير أم ولا أب وهم يقرّون بذلك.
ج- المثل الإشاري: وهذا النوع كثير جداً في القرآن الكريم ومادّته غالباً الحيوان:
*البعوضة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إلا الْفَاسِقِينَ﴾ [البقرة:2/26].
*الذبابة: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ [الحج:22/73].
*العنكبوت: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت:29/41].
* الكلب: ﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الأعراف:7/176].
*الحمار: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الجمعة:62/5].
والمثل بأنواعه له وظائف كثيرة منها:
1. تقريب الصورة للأذهان.
2. إدراك أوجه الشبه.
3. الاحتقار والاستهزاء.
4. الاختصار بدلاً من الكلام والمطوَّل.
إلا أن الوظيفة الأساسية – وهي الهدف منه – إيصال رسالة إلى المخاطَب مدعمة بوقائع، فلا يستطيع إلا أن ينظر ويتأمّل ويعتبر. ذلك أن المثل استعمل معه لفظ "ضرب" فكأن المتكّلم يضرب به السامع فينتبه ويفكِّر ويعدِّل سلوكه، هذا إذا كان من أصحاب القلوب العاقلة.
9- الطريقة التاسعة: القصة.
وعمادها في القرآن الكريم قصص الأنبياء والرسل عليهم السلام. ولن نتوقف الآن عند مفهوم القصة في الأدب ولا عند أنواع القصص ومميزاتها، وسنكتفي بذكر أغراض القصة([13]) القرآنية مختصَرةً عما أورده سيِّد قطب في كتابه الرائع التصوير الفني في القرآن الكريم.
بيان أغراض القَصص القرآني:
1- إثبات الوحي والرسالة وتحقيق القناعة بأنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم رسولٌ من الله حقاً ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾ [يوسف:12/3].
2- إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن أمورٍ جَرَتْ بعيدةً عنهم زماناً ومكاناً وهي بمثابة الغيب بالنسبة اليهم﴿ تلك من أنبَاء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إنّ العاقبة للمتّقين﴾ [هود 11/49]. ونلحظ في هذه الآية أمر الله تعالى بالصبر بعد حصول العلم وارتباط حسن العاقبة بالتقوى المرتبطة بدورها بالصبر والعلم معاً .
3- بيان أن الدين عند الله الإسلام، وأنَّ الدين كلّه من عند الله. ففي سورة الأنبياء بعد عرض قصص كثيرٍ منهم قال تعالى ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء:21/92].
4- إن الله ينصر رسله والذين آمنوا ويرحمهم وينجيهم من المآزق والكروب من عهد آدم ونوح عليهما السلام إلى محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ﴾ [غافر:40/51].
5- تثبيت لقلوب المؤمنين بعد تثبيت قلب الرسول صلى الله عليه وسلم وذكرى لهم وموعظة كلما اعترى خطب أو حلّ جدب ﴿ وَكُلاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [هود:11/120].
6- التحذير من غواية الشيطان ووجوب بقاء الزند مقدوحاً لعداوته. خصوصاً إذا علمنا أنه لعنة الله عليه لم يترك نبيّاً إلى ألقى في أمنيّته ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [الحج:22/52]. وكان خروج آدم عليه السلام من الجنة بسببه ﴿ يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ﴾[الأعراف: 7/27].
7- تنبيه المؤمن إلى عظمة الله عزَّ وجل وقدرته، وذلك مبثوث في أكثر القصص القرآني بدءاً بقصة خلْق سيدنا آدم عليه السلام مروراً بقصة خلْق سيدنا عيسى عليه السلام، وكيف فلق البحر لموسى عليه السلام إلى هجرة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة:9/40].
8- الاعتبار والاتعاظ. وهو من أهم أغراض القصة ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأولِي الألْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [يوسف:12/111].
وهذه القصص بأساليبها المختلفة بما تتضمّنه من حوارات في موضوعات تدور حول قضايا الإيمان، وموقف الناس من دعوة الأنبياء والرسل وما يواجههم ، تُسهم في ترسيخ القيم انطلاقاً من الوحدة الإنسانية بيننا وبين أناس تلك القصص حيث تتقوّى النفس وتصمد فنُحاكي ونقلِّد.
هذا ما وقعنا عليه من طرائق عامة في كتاب الله العزيز يمكن استخدامها في ترسيخ القيم أو في بناء قيم جديدة على الفرد. والمتأمّل لهذه الطرائق يدهشُه تحقق هدفها، حيث تلامس شغاف القلب مرة، وبواطن العقل مرات، وتلجئ إلى التأمُّل أخرى.
ويُلاحظ المربي كيف يبدأ القرآن بالمحسوس المُشاهَد من المخلوقات سماءً ونجوماً أو مطراً ونباتا، ثم يدلِّل بها على وجوده عزوجل كما يدلِّل على إطلاق صفاته وكمال ربوبيته. وترى الآيات التي اهتمت ببناء الشخصية الإسلامية كثيرة. تهز القلب وتستثير العقل وتُعايش التجربة وهذه أفضل طريقة اهتدى إليها علم النَّفس في تربية العاطفة([14])، إنها تكرار إثارة الانفعالات، مع تجارب سلوكية مشحونة بها، ومصحوبة بموضوع معيَّن حتى يصح عند المرء استعداد لاستيقاظ هذه الانفعالات كلما أثير هذا الموضوع، ولعلّ أوضح مثال على هذا الأسلوب التربوي القرآني تقدمه (سورة الرحمن)، حيث يُكرِّر الله عزوجل﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن:55/13] ثلاث عشرة مرة. وهذا الأسلوب الاستفهامي يخرج عن دائرة الاستفهام المحض ليصبح تساؤلاً، وتأمًلاً وتجلّياً وتفاعلاً مع الذات، فيضع هذا الأسلوب الإنسانَ أمام الحسّ والوجدان والافتقار والنكران، فتتحقق له الاستجابة لنداء الرحمن، فيصدّق ولا يكذّب.
ثانياً: طرائق وأساليبُ اكتساب القيم في السُّنَّة المطهرة:
بداية نؤكد أننا نعني بالسنة المطهرة، كلَّ ما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم من بداية بعثته حتى انتقاله إلى الرفيق الأعلى، متمثّلاً في وصفه وأعماله وأقواله وصمته أو إقراره لأمرٍ ما أو تركه … فكلّ ما وردنا عمَّا أحب أو كره، وكيف عامَلَ المؤمنَ والكافرَ، وعلاقته بمن حولَه من أزواج وأبناء و… وحتى معاملته مباشرة أو عبر ما أوصى وأمر مع النبات والحيوان … ذلك كلُّه هو بالنسبة إلينا سُنَّة، ويحمل في طياته مبادئ وأساليب تربوية مرتبطة بأهداف التربية الإسلامية العامة.
ومما تجدر الإشارة إليه في بحثنا هذا، أن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، تُشكّل الجانب العملي المَيداني لما جاء في القرآن الكريم. فالرسول صلى الله عليه وسلم بشر ﴿هَلْ كُنْتُ إلا بَشَراً رَسُولاً﴾ [الإسراء: 17/93]، ونحن بشر أُرسل إلينا. وجاء في الأثر عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: "كان خلُقه القرآن"([15]). إذاً فالقرآن والسنة يتكاملان في تقديم النموذج الإيماني فلا يقول أحد: هذا خطاب قرآني مثالي يصعب تطبيقه. لذلك لا بد أن تكون الأساليب التربوية النبوية نسيجاً من هذا المعين الرباني المتمثّل بالقرآن الكريم وبالرسول المؤيَّد من الله عز وجل كما أخبر القرآن الكريم ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم:53/3-4].
فالمصدر واحد، والسنة مبيِّنة للقرآن، وتفصِّل المجمل، وتخصِّص العام، وفي السنة أحكامٌ يأخذ بها جمهور المسلمين لم تأت في القرآن الكريم، كتحريم المرأة على عمتها أو خالتها. وحدّ شُرب الخمر. والقرآن الكريم يأمرنا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: 4/80]. ومن هنا كان القرآن الكريم والسنةُ المطهرةُ سواءً من حيث وجوب الامتثال([16]). وكل ذلك يخدم أمرين أساسيين هما:
أ- توضيح ما جاء في القرآن الكريم.
ب- بيان حدود شرعية، وغير ذلك من أحكام وآداب، بالتفسير اللفظي أو بالممارسة العملية ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: 16/44]، فالله عزوجل قال ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [المائدة:5/38] ولكنه لم يبيِّن مكان القطع ولم يخبرنا بالكيفية … وهذا دور الرسول صلى الله عليه وسلم.وأمرنا بالصلاة: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة:2/43]. وعلَّمنا ما يتعلَّق بالصلاة من أوقات، وأركان وهيئات، من خلال عمله صلى الله عليه وسلم وقوله.
إذاً فنظرتنا إلى عناصر هذا النسيج التربوي الإسلامي، عنيت القرآن الكريم والسُّنَّة المطهرة، وما يتصل بهما من جهود علمائنا تفسيراً وتبياناً، هي نظرة تكامل وانسجام، وهذه النظرة دفعتنا إلى اعتبار أساليب السُّنَّة التربوية وطرائق تثبيت القيم فيها هي عينها أساليب القرآن الكريم، وإنما تنوعت بتنوّع أحوال المُخاطَب. فالرسول صلى الله عليه وسلم كانت سيرته المجال العملي التطبيقي للقرآن الكريم بمفاهيمه وأساليبه. لذلك لو أردنا تفصيل هذه الأساليب في سيرته الشريفة، لجاء كلامنا مكرراً، مع الإشارة إلى أهمية المباشرة في الخطاب النبوي وأثرها على النفس. فهو عليه الصلاة والسلام كان يُراعي الفروق الفردية من مذاهب واستعدادات وطبائع([17]).
فللمرأة خطاب يَلحظ رقة أنوثتها، وللرجل خطاب يستجيب لمطالب الرجولة التي ترفل بها جنباته، وللكهل في خبرته وشيبته مكانة في خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى إنَّه كان يلاطفهم فيقول لعجوز "لا تدخل الجنة عجوز"([18]) ثم يُبيِّن لها أنها تدخل الجنة شابّة. أما الطفولة، فكان لها في تربيته صلى الله عليه وسلم الحظ الوافر رغم أنه ولضرورة الدعوة ربّى رجالاً وشباباً. فكان يحمل سِبْطيه في صلاته النافلة، وعلمنا كيف نصنع مع الطفل منذ ولادته، فنؤذن له في أذن، ونقيم في أذن، ونحنّكه،… ([19]). وكان عالما بطبائع الناس، وكان الله يُطلعه على سرّهم وما في صدورهم. فهذا تأسره القيادة والوجاهة، وذلك بلغ حبُّ المال من قلبه مبلغاً، وآخر من سجيّته الكرَم، وغيره جُبِل على الصبر والمُجالدة … فكان لهذه الأنماط والطبائع مكانة في خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم. وتكاد تكون سيرته أساليب تربوية ترتكز إلى مبادئ ربّانية عالية.
([1]) المعري [363هـ-449هـ=973م-1057م] هو أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري. شاعر فيلسوف. ولد ومات في معرّة النعمان، كان نحيف الجسم، أصيب بالجدري صغيراً فعمي في السنة الرابعة من عمره. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. ورحل إلى بغداد سنة 398هـ فأقام فيها سنة وسبعة أشهر. وهو من بيت علم كبير في بلده. ولما مات وقف على قبره 84 شاعراً يرثونه. وكان يلعب بالشطرنج والنرد. وكان يحرّم إيلام الحيوان، ولم يأكل اللحم خمساً وأربعين سنة، وكان يلبس خشن الثياب. (نقلاً عن الأعلام للزركلي، خير الدين؛ ج1/ص: 157).
ضدان لما استجمعا حَسُنا والضد يُظهر حسنَه الضد.
من قصيدة شهيرة تسمى" الدعوية " و" اليتيمة " وهي لشاعر مجهول له حكاية طويلة والأرجح أنّ الشاعر من تهامة. (عن معجم الأبيات الشهيرة لـ حسن نمر دندشي) ص:72 .
([6]) هذا المصراع الثاني من أحد أبيات معلَّقة امرئ القيس الشهيرة:[ من الطويل] قفا نبك، وتمامه: مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدبرٍ معاً كجلمود صخر حطَّه السيل من عَلِ. (الديوان: ص: 52). وهو ابن حجر الكندي، وكنيته أبو وهب، أو أبو الحارث وقيل: اسمه جندح وإنّ امرأ القيس لَقَبٌ غلَب عليه. ولد في نجد في أوائل القرن السادس. وكان ذكياً متوقِّد الفهم، برَز في الشِّعر وتقدَّم على سائر شعراء وقته. وكانت وفاته نحو سنة 565م بعد أن أصيب بمرضٍ كالجدري. [عن ديوان امرئ القيس: ص: 5 وما بعدها بتصرّف].
([19]) ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر؛ تُحفة المودود بأحكام المولود: ص: 21 و ص: 23 وما بعدها.وقد روى البيهقي أحمد بن الحسين في الشعب (ج 6/ ص:390 ) حديثاً عن الحسن بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" من ولد له مولود فأذّن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى رُفعت عنه أم الصبيان". وورد في صحيح البخاري في كتاب العقيقة: ورقمه(71) باب تسمية المولود غداة يولد، لمن لم يعق عنه، وتحنيكه، ورقمه(1) ورقم الحديث: (5470) ص:(1024) من حديث ابن ابي طلحة(...فمضغها ثم أخذ من فيه فجعلها في فيّ الصبي وحنكه به وسماه عبد الله).
No comments:
Post a Comment