Monday, January 9, 2012

المبحث الرابع: محاولتُنا تأصيل مفهوم القيمة إسلامياً:
    انطلاقاً من ديننا الإسلامي، عقيدةً وشريعةً، واستناداً إلى الملاحظات التي أبديناها على التعريفات التي عرضناها، نخلص إلى محاولة تعريف القيمة وتأصيل مفهومها: فالقيمة إسلامياً، وبعيداً عن الترجمة  اللغوية لمصطلح (value) الغربي، هذه الترجمة التي أربكت عقولَ الباحثين المسلمين، وانسجاماً مع خصائص العربية والتي منها ارتباط اللفظ بالمعنى في أكثر المفردات، وانطلاقاً من معاني الجذر (ق - وَ -م) ولوازمه والتي أتثبتناها في باب القيمة لغةً، نقول: إنّ كلمة (قيمة) هي اسم مصدر، والمصدر واسمه، كما هو معلوم، لا يُدرَك معنى أيٍّ منهما إلا بإدراك العناصر التكوينية له. وكذلك لا بد من تحديد هوية هذا المصطلح، وفي ضوء ذلك يمكننا فهم المرادِ به. فعندما نقول: القيمة في الفلسفة الرأسمالية الديمقراطية العلمانية، أو القيمة في الفلسفة الاشتراكية الإلحادية، أو القيمة في الفكر الإسلامي، أو غيرَ ذلك، فإنَّنا انطلاقاً من هذا التحديد، نستطيع أن نتحدَّث عن القيمة في الإسلام بوضوحٍ يمكِّنُ السامعَ أو القارئَ من فهم المقصود منها والوقوف على حدودها.
    فالقيمة في الإسلام تتكوَّن من: مُنطَلق وهدَفٍ وغاية، يتبعها سلوكٌ يمارسه المسلم، أو موقفٌ يلتزمُ به، فيعمل على تحقيق ما يؤمن به طلباً لإشباع حاجاته الجسديِّة المادية، واستجابةً لغرائزه النفسية المشاعريَّة، ملتزماً بذلك كلِّه شرعَ الله عزَّ وجلّ، مستعيناً بالعقل (التفكير) في فهمه النصوص الشرعيةِ، بقصد بناء الشخصية الإسلامية المتوازنة والمتماسكة، فتكونُ -عندئذٍ-  عقليتُه إسلاميةً، ونفسيَّته إسلاميةً، ولا بدّ - نتيجةً لذلك- أن يأتي تفكيرُه إسلامياً، وبالتالي سيتحقق إشباعُه لحاجاته العضوية، وغرائزه المعنوية إسلامياً.
    ومن هنا فقد تنوعت القيمُ فكانت: ماديةً على أنواعها لاستمرار الحياة ونموّها، وكانت خُلقيةً ذاتيةً بشمائلها الطَّيبة، لاستقامة المسيرة بأبعادها المختلفة، وكانت إنسانيةً بشموليّتها سعياً لسيرورة المعيشة الدنيويَّة مع الآخرين، وكانت أيضاً عقَدِيَّة وعباديَّةً تحقيقاً لربط الأهداف - على تنوعها- بالغاية الأُخرَويَّة ألا وهي اكتساب رضوانِ الله تعالى، وذلك خوفاً من عقابه وطمعاً بجنَّته، أو حبّاً خالصاً له. وخلاصة الأمر في شأن موضوع القِيَم، هو أنّ القيَم في الإسلام هي الإسلامُ ذاتُه. وممّا يؤكّد ما ذهبنا إليه ، السِّياق الذي ورَدت فيه الآية الكريمة: ﴿ُقلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الأنعام: 6/161]، حيث سُبِقت هذه الآية بقوله تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿ ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأنعام 6/153-156]. وللوقوف على السِّياق الذي وردَ فيه قوله تعالى﴿ديناً قِيماً راجع الآياتِ في سورة الأنعام من الآية 151-165.
       
    ونلاحظ أن الإعراب الأوجهَ لـِ ﴿… ديناً قِيماً … هونصبها على البَدَل من محل ﴿… إلَى صِرَاطٍ...والمعنى هداني صراطاً، و﴿… قِيماً… صفةٌ
و
﴿… ملةَ إبراهيم … بدَل([1]) مِن ﴿…ديناً… ولما كان البدَلُ هو المقصودُ بالحُكْم يكون الصِّراطُ المستقيم، والدِّينُ، والقِيَمُ، ومِلَّةُ إبراهيم، لها الحُكمُ نفسُه.  فالسِّياقُ كله وحسب ما ورد في التفاسير يؤكِّد أنَّ الدِّينَ عند الله الإسلام وأنَّ جميع الأنبياء قبل محمد عليه الصلاة والسلام، كلِّهم كانت دعوتهم إلى الإسلام([2])، الذي يعني التجرّدَ الكاملَ لله عزَّ وجلّ، لكل خَالِجةٍ في القلب، وبكل حركة في الحياة، بالصلاة والاعتكاف، والمَحيَا والممات، بالشَّعائر التعبُّدية وبالحياة الواقعية، وبالممات وما وراءه([3]).
    ونقدِّم محاولةً أخرى في تأصيل مفهوم القيمة، لا تُغاير الأولى في شيء، بل تنسجم معها وتوضّحُها، فنقول إنَّ القيمة هي: (القَصْدُ من وراء موقفٍ أو سلوكٍ إنسانيٍّ ما موصوفٍ بحُكم شرعي). ونلاحظُ أنَّ:
1-      رضوان الله تعالى يبقى أبرز المقاصد، وغاية الغايات التي ينشدها المؤمن. ولا بدّ أن تكون الوسائل منسجمة مع المقاصد. والموقف موصوفاً بالحِلّ أو الإباحة أو النَّدْب …. إلخ.
2-                الموقف الإنساني يشمل:
                     أ-   الإقدام على عمل أو قول.
                     ب- الإعراض أو الإقلاع عن عمل أو قول.
             ج-  الشعور والمشاعر.
    ولا بدّ في كلّ موقفٍ أو سلوكٍ، صَمتاً كان أو شعوراً أو قولاً أو عملاً، من نيّة، فقد أكّد الرسول صلى الله عليه وسلم ارتباط العمل بالنية: "إنما الأعمال بالنيات"([4])، وقوله تعالى: ﴿لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ [البقرة:2/225].
    وهذه الآية تؤكّد أنَّ الحساب أو مؤاخذة الله يتوجّهان إلى النية. فاللفظ أو القول ما لم يصدر عن القلب، هو لغوٌ لا نُؤاخَذ عليه. ولله درّ الأخطل([5]) حيث يقول: ]من الكامل.[
إنَّ الكلام لفي الفؤاد وإنما

جُعل اللسانُ على الفؤاد دليلا([6])
وكذلك يقول أبو القاسم الزعفراني([7]):]من الخفيف.[
لي لسانٌ كأنه لي معادي

ليس يُنبي عن كُنهِ ما في فؤادي([8])
3- وميادين مواقف الإنسان أربعة هي العلاقة مع نفسه، ومع ربّه، ومع مجتمعه، ومع بيئته. وبالتالي تبعاً لهذه الميادين فالقيمُ أنواع أربعة:
1- اجتماعية عامَّة.
 2- خُلقية ذاتية.
 3- ماديّة كونية.
 4- روحيَّة علوية.
    وقد كنت أرغبُ في أن أُعرِض عن وصف أي نوع من أنواع القيم بالروحيّة تهيّباً من قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً [الإسراء:17/85]، فمن معاني مفردة ((الروح))([9]): النَّفخُ والنَّفْسُ، وعيسى عليه السلام، وجبريل عليه السلام، والأَمرُ، والوحيُ، والقرآن، والفَرَحُ، والذي يقومُ به الجسد وتكون به الحياة وأمرُ الله وحُكمُه. ولم نقع في (لسان العرب) ولا في (الصِّحاح) ولا في (التاج) على كلمة (روح) منسوبةً، أي (روحي) أو (روحيَّة) بل وقعنا على ما يفيدُ تركَ النسبة إلى الروح. حيث قال صاحب اللسان: والعربُ تحمل كثيراً من النعت على أَفْعَليٍّ فيصير كأنَّه نسبة. والعرب تقول: رجل أجنبُ وجانِبٌ وجُنُبٌ ولا تكاد تقول أجنبي. وقال أيضاً: والروحانيُّ من الخَلْق: نحو الملائكة ممَّن خلق الله روحاً بغير جسد، وهو من نادر معدول النَّسَب([10]). ولم ترِد مفردة (الروح) في القرآن الكريم مضافةً إلا إلى ضمير يعود إلى لفظ الجلالة (الله) عزَّ وجل مثل: ﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا [مريم: 19/17] ﴿ثم سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ [السجدة: 32/9]، "فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ" [الحِجر: 15/29]. أو مضافة إلى (القُدُس) ﴿وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ [البقرة: 2/87]. فلكل ذلك نرى ضرورةَ أن يُطرح مصطلحٌ بديل عن مُصطلح (القيم الروحيَّة) ليُعبَّر به عن تلك القيم التي تخرج عن الثلاثة الأخرى: الإنسانية والخُلقية والمادِّيَّة. وقال الداعية محمد الغزالي رحمه الله في كتابه (هموم داعية): "ومن المفيد أن يعرف القارئُ أنّ كلمة (القِيم الروحية) من وَضع الزعيم الهندي (جواهر لال نهرو) وقد عنى بها الأديان كلَّها، ونقلها عنه بعض الزعماء العرب، فلمَّا خفَت تأثير الكلمة حلَّ محلَّها مجمع الأديان"([11]). لذا قد يكون مناسباً استخدام (القيم العُلويةَّ الربَّانية) بدلاً من القيم الروحية. وحسبنا أننا أشرنا إلى هذه القضية، فقد يُوَفَّّق غيرُنا إلى مصطلح أكثر مناسبة وأوضح تعبيراً وأدق دلالةً. يضاف إلى ما تقدَّم أننا نرى أن ليس هناك قيمٌ "روحيّة" مستقلة. ذلك أنَّ كلَّ موقف أو سلوك يصدر عن الإنسان يمكن أن يتخلَّلَه النية والقَصْد الرَّباني.

4- وقولنا موصوف بحُكم شرعي تأكيد على المرجعية الفكرية من جهة، وعلى مصدر القيمة من جهة  أخرى، وعلى ارتباط سلوكنا بالأحكام الشرعية.


المبحث الخامس: خصائص القِيَم الإسلامية وتصنيفاتها:
وبعد أن عرَّفتُ القيمة إسلامياً سأعرض لخصائصها وتصنيفاتها. والمطالع لهذا الموضوع في كتابات الباحثين المسلمين يُلاحظ توأمة تكاد تكون كاملة بين القيم من جهة، وبين العديد من المباحث الإسلامية من مثل مباحث العقيدة وأركان الإيمان، وخصائص الشريعة الإسلامية والتشريع الإسلامي، وتصنيف الأحكام الشرعية ومصادرها، وغيرها من قضايا الفكر الإسلامي من جهة أخرى. وتبرز تلك التوأمة في العناوين الرئيسة البارزة وحتى الفرعية، وذلك مثل:
أ-      مصادر القيم            مصادر التشريع الإسلامي.
ب-    شمولية القيم وتكاملها              شمولية الإسلام وتكامل أحكام شريعته )أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)[البقرة: 2/85].
ج-     القيم جامعة للثبات              الأحكام الشرعية المبنيّة على نصّ قطعي الدلالة، والأخرى المبنية على نص ظني الدلالة.

    بل أذهب إلى أكثر من رؤية هذه التوأمة في العناوين وتفصيل المباحث، فأقول: إن هؤلاء الباحثين وغيرهم استخدموا المصطلحات الإسلامية المستخدمة في العقيدة أو في أصول الفقه أو في الأحكام الشرعية المبثوثة في كتب الفقه الإسلامي([12]).

    وحقيقة الأمر أنني ازددت قناعة في اشتمال المباحث الإسلامية على أهم مباحث القيم، وإن نظرة عميقة للمُتابع تنبئه أنّ مباحثنا الإسلامية غنيّة عن مباحث القيمة. وأعترف أنني لو كنت مطّلعاً على الموضوع سابقاً لجاء عنوان بحثي ((المفاهيم التربوية الإسلامية في مناهج اللغة العربية)) بدلاً من ((القيم التربوية في مناهج اللغة العربية في ضوء الفكر الإسلامي))، حيث إنني لم أقف على قيمة واحدة أو قضية مرتبطة بالقيم لا يمكن إعادتها إلى أصل من أصول الإسلام أو فرع من فروعه، ففي تراثنا بأصوله وفروعه ما يغنينا. وهذه ليست دعوة لكي ندير ظهرنا لمباحث أو علوم مستجدة، ولكنها دعوة للتأمل والتفكر في المباحث كلِّها والعلوم المستجدة في ضوء تراثنا الفكري الإسلامي من جهة، وفي ضوء مدى الحاجة إليها من جهة أخرى.


    ولا بأس أن نذكر بشكل إجمالي خصائص القيم كما وردت عند أكثر الباحثين المسلمين فقد ذكروا أن من خصائصها([13]):
                                                         1.        أنها تقوم على مبدأ التوحيد، باعتباره النواة التي تتجمع حولها اتجاهات المسلم وسلوكياته.
                                                         2.        أنها تصدر من مصادر الإسلام ذاته.
                                                         3.        أنها تُستمدُّ من الأحكام الشرعية.
                                                         4.        أنها تُراعي عالم الإنسان وما فيه، والمجتمع الذي يعيش فيه.
                                                         5.        أنها تستوعب حياة الإنسان الدنيا كلَّها، وتتجاوزها إلى حياته الآخرة.
                                                         6.        أنها تتميّز بالاستمرارية والعمومية، لكل الناس، في كل زمان ومكان.
                                                         7.        أنها جامعة للثبات والمرونة.
                                                         8.        أنها وسطية عادلة تهتم بالفرد ولا تُهمل الجماعة، كما تهتم بالجماعة ولا تهمل الفرد.
                                                         9.        أنها منسجمة مع خَلْق الإنسان وتكوينه.
                                                      10.      أنها ترتبط بالجزاءات الدنيوية والأخروية.
                                                      11.      أنّها مهيمنة أو أنَّها مظلّة حامية لسلوك الإنسان.

    ومرة أخرى أسأل القارئ بعد أن سألت نفسي مراراً، أتجد في هذه الخصائص خصيصة واحدة لا يشتمل عليها الإسلام بعقائده وشرائعه ومناهجه؟! وكذلك سنذكر أهم تصنيفات القيم كما وردت عند أكثر الباحثين المسلمين.
       
    وتطالعنا ونحن نبحث عن تصنيفات القيم عبارات واعتبارات تكاد تكون صورة مكبَّرة نسخها بعضهم عن بعض، ويعود السبب في هذا التشابه والتكرار إلى علاقة القيم الإسلامية بالمباحث الإسلامية السائدة في العقائد والشرائع وغيرها من المباحث الفكرية، فهم عملياً ينقلون ما جاء في هذه المباحث ثم يطبعونه بطابع القيمة. وسنقوم بعرض موجز لأبرز تصنيفات القيم عندهم:

                                       1.  القيم المطلقة.
                                       2.  القيم النسبية.
                                       3.  القيم المتعلقة بحفظ الكلّيات الخمس المعروفة: الدين – النفس – العقل –  النسل – المال.
                                       4.  القيم المتدرّجة وفقاً للنفع – الضروريات – الحاجيات – التحسينيات.
                                       5.  القيم المتدرّجة من حيث الحُكْم: حلال – حرام – مباح – مكروه –                                   مندوب.
             6. القيم المتعلقة بأبعاد شخصية الإنسان: المادية – الخُلقية – العقلية – الجمالية – الوجدانية – الروحية – الاجتماعية – السياسية … إلخ.
                                    7.     القيم الإلزامية: وهي التي يُلزِم الإسلامُ بها أتباعَه حلالاً أو حراماً.
                                    8.     القيم التفضيلية: وهي التي يشجع الإسلام على الأخذ بها مثل المباحات والآداب([14]).

    ومنهم من فرَّع وتوسّع في هذه التصنيفات وعدّ أنواعاً كثيرة منها فجعل قيماً للتوحيد، وأخرى للعبادات، وثالثة للجهاد ثم للسياسة والأخلاق، وطلب العلم وإتقان العمل، وقيماً للاقتصاد وقيماً للثقافة … إلخ([15]).

    ولو شاء أحد الباحثين أن يتوسَّع في تعداد القيم لأجهَد نفسه دون أن يبلغ نهاية سلسلة القيم. ولما كنا نرى أن أنواع القيم وصفاتها وتصنيفاتها منقولة كما ذكرنا عن مباحث العقيدة والفقه وغيرها من المباحث الإسلامية، فإننا نقترح أربعة عناوين رئيسة تقع تحتها القيم، وهي:
                                                                       1.                  القيم الذاتية: أي قيم العلاقة مع النفس أو الذات.
                                                                       2.                  القيم الاجتماعية: أي قيم العلاقة مع الآخرين.
                                                                       3.                  القيم الكونية: أي قيم العلاقة مع البيئة بكل عناصرها.
                                                                       4.                  القيم (الروحيَّة) العُلوية: أي قيم العلاقة مع الله تعالى.
    ويلاحَظ أنه بإمكان الإنسان المسلم أن يتوجّه في كل نوع من هذه الأنواع قاصداً وجه الله تعالى طالباً رضوانه. وهذا التقسيم بعناوينه الرئيسة هو الذي سنعتمده في رصد القيم التربوية في منهاج اللغة العربية معتمدين كتاب المركز التربوي للبحوث والإنماء، ذلك أننا نرى أن هدف التربية هو رعاية هذه القيم، فعلى مستوى الذات تتوجه التربية لبناء شخصية متوازنة (جسدياً – عقليا – نفسياً – دينياً واجتماعياً).
    وأهداف التربية اجتماعياً في الفكر الإسلامي بناء مجتمع متماسك، متعاون على البِرّ والتقوى، غايته نيل رضوان الله تعالى. ولا يتأتَّى ذلك إلا عبر تربية النفوس ورعاية القدرات الفردية وتنمية المفاهيم الاجتماعية من مثل: حقوق الفرد على مجتمعه، وواجباته نحوه …
    ورعاية النمو اللغوي للمتعلّم، يقع أيضاً تحت عنوان القيم الذاتية الفردية في تداخل مع القيم الاجتماعية، وتزويد المتعلّم بمهارات التفكير الرياضي تقع تحت القيم الاجتماعية كنا نعدّها على أنها رعاية لعضو اجتماعي سيعيش في وسط مجتمع إنساني حيث يستفيد منه ويفيده، وهكذا الأمر بالنسبة لمختلف القيم مهما تنوَّعت فإنه بالإمكان ردها إلى واحدة من هذه الأربعة.


([1])  الدرويش، محيي الدين؛ إعرابُ القرآن وبيانُه: ج3/ ص: 286.
([2]) راجع: مختصر تفسير ابن كثير، للصابوني، محمد علي؛ ج1/ص: 639. وتفسير القرآن لأبي المظفَّر السّمعاني، منصور بن محمد؛ ج2/ ص: 161.
([3]) قطب، سيِّد؛ في ظلال القرآن: ج3/ص: 1240.
([4]) مر تخريجه سابقاًص:63.
([5]) الأخطل [19هـ-90هـ=640م-708م] هو غياث بن غوث، من بني تغلب، أبو مالك، شاعر اشتهر في عهد بني أمية بالشام، وأكثَر من مدح ملوكهم. وهو أحد الثلاثة المتفق على أنهم أشعر أهل عصرهم: جرير والفرزدق والأخطل. نشأ على المسيحية في أطراف الحيرة (بالعراق) واتصل بالأمويين مع جرير والفرزدق فتناقل الرواة شعره، وكان تيَّاها، كثير العناية بشعره، ينظم القصيدة ويسقط ثلثيها ثم يظهر مختارها. وكانت أكثر إقامته في دمشق في قصر الخلفاء من بني أمية. (نقلاً عن الأعلام، للزركلي، خير الدين؛ ج5/ص: 123.
([6]) الوشَّاء، محمد بن إسحاق بن يحيى؛ الموشَّى: ص: 16.
([7])  هو عمر بن إبراهيم العراقي له قصائد في الصاحب منها نونية مطلعها:]من المتقارب[.
سواك يعد الغِنى ما اقتنى
وأنت ابن عباد بن المرتجى
( عن الموقع الالكتروني:(WWW.google.com

ويأمره الحرص أن يخزنا
تعد نوالك نيل المنى

(4) الثعالبي، أبو منصور، فقه اللغة: ص: 27.

([9]) ابن منظور، محمد بن مكرم؛ لسان العرب:مادة(ر- و- ح) ج2/ص: 459 وما بعدها. والزبيدي، محمد مرتضى؛ تاج العروس من جواهر القاموس: ج2/ص: 147 وما بعدها، والجوهري، إسماعيل بن حماد؛ الصِّحاح: ج1/ص: 367.
([10]) ابن منظور، محمد بن مكرم؛ لسان العرب: مادة(ر- و- ح)ج2/ص: 462 وص: 463، والزبيدي، محمد مرتضى؛ تاج العروس من جواهر القاموس: ج2/ص: 149.
([11]) الغزالي، محمد؛ هموم داعية: ص: 94.
([12]) راجع القيم الإسلامية والتربية: ص: 68 وما بعدها، والتغيير الاجتماعي، دراسة تحليلية من منظور التربية الإسلامية: ص: 89، والقيم الإسلامية في المسلسلات التلفازية: ص: 80، ومنظومة القيم الإسلامية: ص: 31 وما بعدها، والمدخل إلى القيم الإسلامية: ص: 39 وما بعدها، وكلُّها مراجع سابقة.
([13]) أبو العينين، علي خليل مصطفى؛ القيم الإسلامية والتربية: ص: 68، وقميحة، جابر؛ المدخل إلى القيم الإسلامية: ص: 152.
([14]) أبو العينين، علي خليل مصطفى؛ القيم الإٍسلامية والتربية: ص: 71، والعمري، أكرم ضياء؛ قيم المجتمع الإسلامي من منظور تاريخي: ص: 56 وما بعدها.
([15]) راجع، القيسي، مروان؛ المنظومة القيمية الإسلامية: ص: 34 وما بعدها، والمحيّا، مساعد بن
عبد الله؛ القيم في المسلسلات التلفازية: ص: 84 وما بعدها، وأحمد حسن، السيد الشحات؛ الصراع القيمي لدى الشباب ومواجهته من منظور إسلامي: ص: 14 وما بعدها.

No comments:

Post a Comment